للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بغلًا بالنسبة إلى أمواله يسيرة.

﴿لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ﴾ أي: بنقلهم، وهذا دليل على ما ذكرنا لأنه صريح فيه، وإذا كانت المفاتيح تنوء بنقل العصبة - وهم أربعون رجلًا في قول ابن عباس، وقد ذكرناهم في قصة يوسف - فما ظنك بالخزائن.

﴿إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ﴾ [القصص: ٧٦] يعني المؤمنين من آمن بموسى، ومعنى لا تفرح: لا تبطر ولا تمرح ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ﴾ وهي الجنة، بالإنفاق في طاعة الله ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ وهو أن تعملَ فيها للآخرة ﴿وَأَحْسِنْ﴾ بإعطاء فضل مالك ﴿كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ بأن زادك على قدر حاجتك ﴿وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص: ٧٧] بأن تعمل بالمعاصي.

﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ يعني المال، وفيه أقوال:

أحدها: أن قومه لما وعظوه قال: إنما أوتيته على خير وصلاح عَلِمَهُ الله مني، ولولا ذلك لما أعطاني إيَّاه، قاله مجاهد.

والثاني: بفضل علمي، قاله الفراء.

والثالث: بالمكاسب والتجارات، حكاه الماوردي (١).

والرابع: برضا الله عني، قاله ابن زيد.

والخامس: بصنعة الكيمياء، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وحكى جدي في "التبصرة" عن الزجاج أنه قال: وهذا لا أصل له لأن الكيمياء باطلٌ لا حقيقة له (٢).

فقال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا﴾ للأموال. ومعناه: لو كان الله إنما يعطي الأموال لمن يرضى عنه لم يهلك أرباب الأموال الكثيرة ﴿وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص: ٧٨] بل يدخلون النار بلا حساب، قاله قتادة. فما زاده ذلك الوعظ إلا عتوًّا.

قوله: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾ [القصص: ٧٩] اختلفوا في الذي خرج فيه على


(١) النكت والعيون ٤/ ٢٦٨.
(٢) "التبصرة" ١/ ٢٥٣.