للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: يا أميرَ المؤمنين ما أعطيتُه لمدحه إيَّايّ، بل لقولهِ للمعتصمِ فيك: [من الكامل]

واشدُد بهارونَ الخلافة إنَّه … سَكَنٌ لوَحشَتِها ودارُ قرارِ

ولقد علمتَ بأنَّ ذلك مِعصَمٌ … ما كنتَ تتركُه بغير سوارِ

فطرب الواثق وقال: أحسنتَ والله، وأمرَ لأبي تمام بألفي دينار (١).

قال مروانُ بنُ أبي الجنوب في أحمد لما فُلج: [من البسيط]

لسانُ أحمدَ سيفٌ مسَّه طبعُ … من علَّةٍ فجلاها عنهُ جاليها

ما ضرَّ أحمد باقي علَّةٍ درسَتْ … والله يذهبُ عنه رسمَ باقيها

موسى بنُ عمران لم يُنْقِص نبوَّتَه … ضعف اللسان به قد كان يحصيها (٢)

قد كان موسى على علَّاتِ منطقِه … رسائلُ الله تأتيه فيمضيها (٣)

قال المصنِّفُ : لقد افتضحَ ابنُ أبي الجنوب في تشبيه موسى بابن أبي دؤاد؛ لأنَّ عقدةَ لسانِ موسى كانت من آياته ومعجزاته، وخَرس ابن أبي دؤاد كان عقوبة من الله على جحد كلامه وصفاته.

وقال مروان فيه: [من الوافر]

فقل للفاخرينَ على نزار … ومنها خِنْدِفٌ وبنو إيادِ

رسولُ الله والخُلفاء منَّا … ومنَّا أحمدُ بنُ أبي دؤادِ (٤)

وقال أحمد لمروان: ما يمنعُك أن تسألني؟ فقال: إذا سألتُك فقد جعلت سؤالي إيَّاكَ عوضًا عمَّا تعطيني، فقال: صدقتَ، وأعطاهُ خمسة آلاف درهم (٥).


(١) في أخبار أبي تمام ص ١٤٥، وتاريخ بغداد ٥/ ٢٤٢: أنه وصله بخمس مئة دينار. والبيتان في ديوان أبي تمام ٢/ ٢٠٨ - ٢٠٩.
(٢) في تاريخ بغداد ٥/ ٢٤٥: يمضيها.
(٣) في تاريخ بغداد: يؤديها. والأبيات في تاريخ بغداد منسوبة لمروان بن أبي حفصة، وهو خطأ؛ لأن وفاته كانت سنة ١٨٢ هـ، وأحمد بن أبي دؤاد فُلج سنة ٢٣٣ هـ.
(٤) تاريخ بغداد ٥/ ٢٣٥.
(٥) كذا في (خ) و (ف). والقصة -كما في تاريخ بغداد ٥/ ٢٣٩ - : بين ابن أبي دؤاد ومسبِّح بن حاتم، قال ابن أبي دؤاد: ما يمنعك أن تسألني؟ فقلت له: إذا سألتك فقد أعطيتك ثمن ما أعطيتني، فقال لي: صدقت، وأنفذ إليَّ خمسة آلاف درهم.