للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للبقال: أخرجتَ سطلين إلى رجلٍ من أهل الورع، والسطول تتشابه، فقال: والله إنَّه لسطلُه بعينه، وإنَّما أردتُ امتحانه.

[وقيل: وإنت هذه الواقعةُ بمكَّة.]

وقال أحمدُ بن محمد التستري: أتى على أحمد ثلاثة أيامٍ ما طَعم فيها بطعام، فبعث إلى صديقٍ له، فاقترضَ منه شيئًا من دقيق، فعرفَ أهلُه شدَّةَ حاجتِه، فخبزوه عاجلًا، فلمَّا وُضِعَ بين يديه قال: كيف خبزتُم هذا بسرعة؟ قالوا: كان تنورُ صالحٍ مسجورًا فخبزناه عاجلًا، فقال: ارفعوه، ولم يأكلْ منه شيئًا؛ لأنَّ صالحًا وليَ القضاء.

وقال عبد الله: ما مشى أبي في سوقٍ قط.

[وقال عبد الله بن أحمد:] وبعثَ المتوكِّلُ [إلى أبي] يقول: قد أحببتُ أن أراك وأتبرَّك بدعائك، [قال:] فخرجنَا من بغداد، فأنزلَنا دار إيتاخ بسامراء، والمتوكل يرانا من وراء الستر، وأمرَ لأبي بثيابٍ ودراهم وخلعة، فبكى أبي وقال: سلمتُ من هؤلاء منذ ستين سنةً، فلمَّا كان في آخر العمر ابتليتُ بهم، ولما جاؤوا بالخلعة لم يمسها، ولا غيرها، فجعلتُها على كتفيه، فما زال يتحرَّك حتى رَمى بها، ثم عدنا إلى بغداد ومرض أبي.

[وذكر الحافظ ابن عساكر عن المُزَنيّ عن الشافعي قال: دخلت على هارون الرشيد فسالني عن اليمن فقلت:] (١) تركتُها شاغرةً من حاكم وتحتاجُ إليه، فانظر رجلًا تولِّيه قضاءها، فلمَّا خرجَ من عنده اجتمعَ بأحمد وقال: إنِّي كلَّمتُ هارون أن يولي على اليمن قاضيًا، وأشرتُ بكَ (٢)، فتهيّأ حتى أدخِلَكَ عليه، فقال له أحمد: إنَّما جئتُ إليك لأقتبسَ منك العلم، تأمرني أن أدخلَ لهم في القضاء، ما كان هذا الظنَّ بك، وذكرَ الأحاديثَ الواردةَ في النهيِ عن القضاء، فقال: إنَّما قصدتُ نفعَ الناس، فيقال: إنه لم يعدْ إلى الشافعي بعدَها.


(١) في (خ) و (ف): وقال المزني: لما دخل الشافعي على الرشيد مسألة عن اليمن فقال.
(٢) في تاريخ ابن عساكر ٢/ ١٣١: وإني قد اخترتك.