للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وروى الخطيب عن الحسين بن خَيران الفقيه قال:] (١) مرَّ أبو تراب بمُزَيِّن، فقال له: تحلِقُ رأسي لله تعالى؟ قال: نعم، اجلس، [فجلس]، فبينا هو يحلقُ رأسَه إذ مرَّ به أميرٌ من أهل بلده، فقال لحاشيته: أليسَ هذا أبو تراب؟ قالوا: نعم، فقال: أيشٍ معكم؟ فقال رجل من خاصَّته: معي خريطةٌ فيها ألف دينار، قال: ادفعها إليه إذا قام، واعتذر إليه، وقل له: لم يكنْ معنا غيرُها، فجاء الغلام إليه بها، واعتذر، وقال له ما قال الأمير، فقال أبو تراب: ادفعها إلى المزيِّن، فقال للمزيِّن: خُذها، فقال [المزيِّن:] أنا حلقتُ رأسَه لله، والله لو أعطاني ملكَ الدنيا ما أخذتُه (٢)، فقال أبو تراب للرسول: قل له: ما رضيَ المزيِّن يأخذها، فخذها أنت، اصرفها في مهماتك.

[وحكى عنه أبو نُعيم الأصفهاني قال:] بيني وبينَ الله عهدٌ ألا أمدَّ يدي إلى حرام إلَّا قصرت يدي عنه (٣).

[وحدثنا غير واحدٍ عن أبي بكر بن حبيب العامري، بإسناده إلى أبي العباس الشرقيّ قال:] (٤) كنَّا مع أبي تراب بطريق مكَّة، فمرض، فعدلْنَا عن الطريق، فقال بعضُ أصحابه: أنا عطشان، فضرب أبو تُراب برجله الأرضَ، فإذا عينُ ماء مثل الزُّلَال، فقال السائل: أحبُّ أن أشربه في قدحِ زجاجٍ أبيض، فضرب أبو تراب بيده إلى الأرض، فأخرج قدحًا من زجاجٍ أبيض كأحسن ما رأيت، فشربَ وسقانا، وما زال القدح معنا إلى مكَّة، فقال [لي:] ما يقولُ أصحابُك في هذه الأمور التي يكرمُ الله بها عباده؟ فقلت: ما رأيتُ أحدًا إلَّا وهو يؤمنُ بها، قال: ما سألتُك إلَّا عن الأحوال، قلت: ما أعرفُ لهم فيه قولًا، فقال: بلى، زعموا أنَّها خُدع من الحقّ (٥)، وليس كما


(١) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال الحسين بن خيران الفقيه.
(٢) في تاريخ بغداد ١٤/ ٢٦٧: فقال: لا والله، ولو أنها ألفي دينار ما أخذتها.
(٣) حلية الأولياء ١٠/ ٤٧ - ٤٨.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال أبو العباس المشرقي.
(٥) كذا في (خ) و (ف) و (ب)، والرسالة القشيرية ص ٥٤٤، وصفة الصفوة ٤/ ١٧٤، ومناقب الأبرار ١/ ٢٨٩.
وفي تاريخ دمشق ٤٧/ ٣٦٤ (طبعة مجمع اللغة): خدع من الجنّ.