للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حنقٌ (١) على جلسائِه فكأنَّهم … حَضرُوا لملحمةٍ ويوم جلادِ

وكأنَّه من ديرِ جنّة مقبلٌ (٢) … حَرِدٌ يَجرُّ سلاسلَ الأقياد

ثم قال المأمون: أبو عبَّاد جاهلٌ حقود، وأنا أعفو وأصفح.

وكان دعبلُ من شيعةِ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وقصيدتُه التائيَّة من أفخر الشعر وأحسن المديح. [قال دعبل: قصدتُ بها أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا، وهو بخراسان]، (٣) وهو وليُّ عهد المأمون، فدخلتُ عليه فقرَّبني وأدناني، فقلت له: يا أبا الحسن قد نظمتُ فيكم أهلَ البيت قصيدة، وآليتُ على نفسي أن لا أنشدَها لأحدٍ قبلَك، فجمعَ أهله ومواليه وقال: قل على خيرةِ الله تعالى، فقلت: [من الطويل]

مدارسُ آياتٍ خَلت من تلاوةٍ … ومهبطُ وحي موحشُ العَرصاتِ

لآلِ رسولِ الله بالخيفِ من منى … وبالبيتِ والتَّعريفِ والحجراتِ (٤)

ديارُ عليٍّ والحسينِ وجعفرٍ … وحمزةَ والسجَّاد ذي الثَّفِنَاتِ (٥)

ودارٌ لعبد الله والفضل صِنْوُه … ودارُ عبيدِ الله ذي الدَّعواتِ

ديارٌ عفاها جورُ كلِّ منابذٍ … ولم تَعفُ بالأيام والسنواتِ

قِفا نسأل الدارَ التي خَفَّ أهلُها … متى عهدُها بالصومِ والصلواتِ

وأين الأُلى شَطَّت بهم غربةُ النَّوى … أفانينَ في الأطرافِ مفترقاتِ

همُ أهلُ ميراثِ النبيِّ إذا اعتزَوا … وهم خيرُ ساداتٍ وخيرُ حماةِ

قبورٌ بكُوفانٍ وأخرى بطيبةٍ … وأخرى بفخٍ نالها صلواتِ

وقبرٌ بأرض الجُوزَجان محفُه … وقبرٌ بباخَمْرى لذي القربات (٦)

وقبرٌ ببغدادٍ لنفسٍ زكيَّةٍ … تضمَّنَها الرحمنُ في الغُرُفاتِ


(١) كذا في (خ) و (ف). وفي الأغاني ٢٠/ ١٤١، وديوان دعبل ص ١٢٥: خَرِقٌ.
(٢) كذا في (خ) و (ف). وفي المصادر: وكأنه من دير هِزْقِلَ مُفْلتٌ.
(٣) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق، زدتها من الفرج بعد الشدة ٤/ ٢٢٧.
(٤) في معجم الأدباء ١١/ ١٠٣، وديوان دعبل ص ٧٨: وبالركن والتعريف والجمرات.
(٥) ذو الثفنات: عليُّ بن الحسين بن علي، المعروف بزين العابدين، لقب بذلك لأن مساجده كانت كثفنة البعير من كثرة صلاته . انظر القاموس وتاج العروس (ثفن).
(٦) في الديوان ص ٨٠: لدى العَرِمات.