للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدني يغزو عدوِّي … والهوى يغزو فؤادي

ثم قال: جيد؟ قلت: جيد، فقال: والله ما خرجتُ إلا هاربًا من الحبّ، ثم التقينَا، فكانَ أوَّل قتيل (١).

ولدعبل كتابٌ جمعَ فيه أخبارَ الشعراء، ذكر فيه جملة من الأعيان، ذكر فيه عن عبد الله بن محمد بن رَزِين الشاعر الخزاعيّ- وأبو الشيص كنيةُ أبيه- قولَه: [من الوافر]

أظنُّ الدهرَ قد آلى فبرَّا … بأن لا يُكسِب الأموال حرَّا

لقد قعد الزمانُ بكل حرٍّ … ونقَّص من قواه المستمرَّا

وملَّك من رقابِ المالِ قومًا … وملَّكهم به نَفعًا وضرَّا

ومن جعل الكلامَ له قَعودًا … أصابَ من الدُّجى خيرًا وشرَّا (٢)

وأبو الشيص من شعراء الحماسة، وهو القائل فيها:

وقفَ الهوى بي حيثُ أنتِ فليسَ لي … متأخَّر عنه ولا مُتقدَّمُ

أجدُ الملامةَ في هواكِ لذيذةً … حُبًّا لذكركِ فليلمنِي اللوَّمُ

أشبهتِ أعدائي فصرتُ أحبُّهم … إذ كانَ حظِّي منكِ حظِّي منهمُ

وأهنتنِي فأهنتُ نفسِيَ صاغرًا … ما من يَهونُ عليكِ ممَّن يُكرَمُ (٣)

ذكر وفاته:

ذكر بعضُهم أنَّ المعتصمَ قتلَه في سنة ستٍّ وعشرين ومئتين، وهو وهم، والأصحُّ أنه عاش إلى هذه السنة، توفي بالطِّيب، ودفن بالسُّوس، وله تسعٌ وتسعون سنة.

وقال المبرِّد: كان دعبل قد هَجا مالك بن طوق الثعلبيَّ صاحبَ الرَّحْبَة، فطلبه فهرب إلى البصرة وعليها إسحاقُ بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وكان قد هجاه، فأخذَه وأرادَ قتله، فحلف له أنَّه ما هجَاه، وبكى وتضرَّع إليه، فرقَّ له وأطلقه، فضرب إلى الأهواز، وكان مالك قد أرسل خلفَه رجلًا، وأمرَه أن يغتاله، وضمن له عشرة آلاف درهم ودفع إليه سُمًّا في زُجِّ عكاز، ثم وافاه ببعضِ قرى


(١) اعتلال القلوب ص ٢١٥.
(٢) تاريخ بغداد ١١/ ٢٥٧ ترجمة عبد الله بن أبي الشيص.
(٣) ديوان الحماسة ٣/ ١٣٧٤ بشرح المرزوقي.