للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حسدًا (١) أن تكونَ إلفًا لغيري … إذ تفرَّدْتُ في الهوى فيكَ وحدِي

فقال المتوكل: أحسنتَ والله يا بحتريّ، لقد جئت بما في نفسي، وأعطاه ألف دينار.

وقال عليُّ بن الجهم: أنا عند المتوكل يومًا والفتح جالس، إذ قيل له: فلانٌ النخَّاس بالباب، فأذن له، فدخل ومعه وصيفة، فقال له المتوكل: ما صناعة هذه؟ فقال: تقرأُ القرآن بألحان، فقال الفتح: اقرئي لنا خمس آيات، فاندفعت تقول: [من السريع]

قد جاء نصرُ الله والفتحُ … وشقَّ عنَّا الظلمةَ الصبحُ

خَدِينُ ملْكٍ ورجا دولةٍ … وهَمُّه الإشفاقُ والنصحُ

الليثُ إلَّا أنَّه ماجدٌ … والغيثُ إلَّا أنَّه سَمْحُ

وكلُّ بابٍ للنَّدى مغلقٌ … فإنَّما مفتاحُه الفتحُ

فوالله لقد دخل على أمير المؤمنين من السرور ما إنَّه قامَ إلى الفتح، فوقع عليه يقبِّلُه، ووثبَ الفتحُ فقبَّل رجلَه، وأمر المتوكِّل بشرائها، وأمر لها بجائزة وكسوة، وبعث بها إلى الفتح، فكانت أحظى جواريه عندَه، فلما قتل الفتح رثتهُ بهذه الأبيات: [من المنسرح]

قد قلتُ للموتِ حين نازَلَهُ … والموتُ مقدامةٌ على البُهمِ

لو قد تبينت ما فعلت إذًا (٢) … قَرَعْتَ سنًّا عليه من ندم

فاذهبْ بمن شئتَ إذْ ذهبتَ به … ما بعد موت الفتح من ألمِ (٣)

ولم تزل تبكي عليه وتنوحُ حتى ماتت (٤).

[قال الصوليّ:] ومن شعر الفتح: [من الخفيف]


(١) في (خ) و (ف): حبذا. والمثبت من تاريخ دمشق ٥٧/ ٤٥٧.
(٢) في (خ) و (ف): لقد نبيتنا فقلت إذا. والمثبت من تاريخ دمشق ٥٧/ ٤٥٨.
(٣) في تاريخ دمشق: ما بعد فتح للموت من ألم.
(٤) تاريخ دمشق ٥٧/ ٤٥٨، ومعجم الأدباء ١٦/ ١٨٦. وهذه الأبيات نسبت لمطيع بن إياس يرثي يحيى بن زياد الحارثي. انظر تاريخ بغداد ١٦/ ١٦٣.