للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منصور، وكانت الأشروسنيَّة قد وقفتْ على باب دار العامَّة صفَّين مع واجن الأشروسني، فحمَلوا على الأشروسنيَّة فتضعضعوا، وانضمَّ بعضُهم إلى بعض، ونفر من على باب العامَّة من الشاكرية والمبيضة والمغاربة، وشدُّوا عليهم (١)، ونشبت الحرب، وقُتِل بينهم جماعةٌ، إلى أن مضى من النهار ثلاث ساعات، وخرج المستعين من دار العامَّة بعد ما بايعه من حضر فيها، ودخلَ إلى القصر الهارونيّ، فبات به، ودخل الغوغاءُ دار العامَّة، فنهبُوا خزائن السلاح والدروع والجواشن، ونهبوا دورًا كثيرة، وأخذوا العدد، فكثرت الرماحُ والتراسُ في أيدي العامَّة والغوغاء، وجاء بغا الصغير، فأجلاهم عن دار العامَّة، وكثُرتِ القتلى في الفريقين، فوضعَ المستعينُ العطاء فسكتُوا، وبعثَ بكتاب البيعة إلى محمد بن عبد الله بن طاهر إلى بغداد (٢)، فأخذ البيعة على الناس للمستعين أحمدُ بن الخصيب، وأعطاه أموالًا جليلة، فيقال: إنَّها كانت ألف ألف درهم، ومتاعًا كثيرًا من جملةِ فرش القصر الجعفريِّ الذي كان للمتوكِّل، وكان يُحمَلُ على خمسين ومئتي بعير (٣)، ثمَّ نفاه في هذه السنة في رجب -وقيل: في ربيع الآخر- إلى (٤) أقريطش.

ولمَّا وردت خلافةُ المستعين إلى مصر، أحضر الوالي الجماعة والمنجِّمين وقال: انظروا في طالَعه وفي مدَّةِ عمره، فنظروا في طالع الوقت، فقال لهم الجمل الشاعر وكان بمصر: لا تتعبوا، أنا أعلمُ مدَّة عمره وأيَّامه، قالوا: كم يعيش؟ قال: ما شاء بغا وأوتامش ووصيف، فارتج المجلسُ بالضحك (٥).

وفيها مات طاهر بن عبد الله بن طاهر بخراسان، فعقد المستعينُ لابنه أبي عبد الله محمد بن طاهر على خراسان، ولمحمد بن عبد الله بن طاهر على العراق والحَرَمين والشرطة والسواد.


(١) في تاريخ الطبري ٩/ ٢٥٧: ونفر من على باب العامة من المبيّضة مع الشاكريّة، فكثروا، فشد عليهم المغاربة والأشروسنية.
(٢) تاريخ الطبري ٩/ ٢٥٧ - ٢٥٨.
(٣) المنتظم ١٢/ ٧.
(٤) في تاريخ الطبري ٩/ ٢٥٨: في جمادي الأولى. وفي الكامل ٧/ ١١٩: في جمادي الآخرة.
(٥) الوافي بالوفيات ٨/ ٩٦.