للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرام (١)، فأنكرَ الرجلُ، فقال أهل مكة: بيننا وبينه حمير المُكَارين، نرسلُها من مكَّة إلى عرفة، فإن قصدت بيتَه صدقنا (٢)، فقال الوالي: أرسلوها، فأرسلوها، فوقفت على [باب بيته] (٣)، فقال الوالي: جرِّدوه لأضربه، فقال الرجل: يا قوم، ما يشتفي أهلُ المدينة (٤) منَّا بأكثر من هذا، يقولون: أهلُ مكَّة لا يقبلون قولَ الشاهد مع اليمين، ويجيزونَ شهادةَ الحمير، فضحك الوالي وأطلقه، وكتب إلى المنتصر يعرفُه الخبر، فضحك [المنتصر] وكتب له بمالٍ إلى مكَّة، وقال للوالي: استتبه، فقد أغنينَاه عن ذلك.

[وذكر عن بيان المغني -وكان خصيصًا بالمنتصر- قال:] (٥) سألتُه ثوبَ خزّ أو ثوب ديباج، فقال لي: تمارض حتى أعودَك ليحصلَ لك أكثر من الثوب الديباج، [قال:] فمات، ولم يهب لي شيئًا (٦).

ذكر وفاته:

[واختلفوا في أسبابها على أقوال؛ أحدها أنه] كان يقول: [يا بغا] أين أبي؟ من قتل أبي؟ ويكثر دائمًا من سبِّ الأتراك، ويقول: هؤلاء قتلةُ الخلفاء، فقال بغا الصغير للأتراك الذين قتلوا أباه: ما لكم عند هذا الرجل خبزٌ، فهَمُّوا به، فلم يقدروا عليه؛ لأنَّه كان مهيبًا شجاعًا فطنًا حازمًا محترزًا، فدسُّوا إلى طبيبه ابن طيفور ثلاثين ألف دينار، واتَّفق أنَّه مرض، فأشار عليه بالفَصْد، ودسَّ فاصدًا، أو أعطاه مبضعًا مسمومًا، ففَصَدَه به، فمات، واتفق أنَّ الذي فصدَه، ألقى ذلك المبضع في مباضعه ونسيه، ثمَّ مرض الفاصد، فقال لتلميذٍ له: افصدني، ففصَدَه به، ولم يعلم، فماتَ الطبيب. [ذكره الصولي].

[والثاني:] أنَّ المنتصرَ حدثَ به مرض في أنثييه، فماتَ بعد ثلاثة أيام.

[والثالث:] أنَّه مات بالذبحة في حلقه.


(١) في (ف): الأعظم.
(٢) في (خ) و (ف): قصدنا. وفي (ب): فصدقها. وانظر مروج الذهب ٧/ ٣٢١، والعقد الفريد ٦/ ٤٤٨.
(٣) في (خ) و (ف): بابه. وما بين حاصرتين من (ب).
(٤) كذا في (خ) و (ف) و (ب). وفي المصادر: أهل العراق. وهو الأشبه.
(٥) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال بيان المغني وكان خصيصًا بالمنتصر.
(٦) تاريخ الطبري ٩/ ٥٥٢.