للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن نافع، عن ابن عمر أنَّ النبي قال: "من مشى إلى طعامٍ لم يُدْعَ إليه، دخلَ سارقًا وخرج مغيرًا" (١).

فقال الطفيليّ: مِثْلُكَ يا أبا عمرو يتكلَّم بهذا الكلام على مائدة الأمير (٢)! وليس هاهنا إلَّا من يظنُّ أنَّك رميتَه بهذا الكلام، ثم لا تستحي وتروي عن دُرُست، ودُرُسْت كذَّاب لا يحتجُّ بحديثه عن أبان بن طارق، وأبان كان صبيانُ المدينةِ يلعبونَ به، ولكن [أين] أنت ممَّا حدثنا به أبو عاصم النبيل، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبيِّ أنَّه قال: "طعامُ الواحد يكفي الاثنين، وطعامُ الاثنين يكفي الأربعة" الحديث (٣).

قال نصر: فكأنِّي أُلقِمتُ حجرًا، فلمَّا خرجنا من الدار أنشدَ الطفيليّ: [من المتقارب]

ومن ظن ممَّن يلاقي الحروب … بأنْ لا يُصَاب فقد ظنَّ عجزا (٤)

قال نصر: دخلتُ على المتوكِّل وإذا هو يمدحُ الرفق فأكثر، فقلت: يا أمير المؤمنين أنشدني الأصمعي: [من السريع]

لم أرَ مثل الرفقِ فِي لينهِ … أخرجَ للعذراءِ من خِدْرِهَا

مَن يستعن بالرفق فِي أمرِه … يستخرجُ الحيَّةَ من جُحْرها

فقال: يا غلام، الدواةَ والقرطاس، فكتبها بيده (٥).

وقال أبو بكر بن أبي داود: كان المستعينُ قد بعثَ إلى البصرة ليشخص نصر بن علي إلى القضاء، فدعاه أميرُ البصرة، فأخبره بذلك، فقال: أرجعُ وأستخيرُ الله، فرجعَ إلى بيته نصف النهار، فصلَّى ركعتين وقال: اللهمَّ إنْ كان لي عندك خيرٌ فاقبضني إليك،


(١) أخرجه القضاعي فِي مسند الشهاب (٥٢٧) من طريق نصر بن علي بن جهضم، وأخرجه أبو داود (٣٧٤١)، والقضاعي (٥٢٨) من طريق مسدد عن درست … قال أبو داود: أبان بن طارق مجهول.
(٢) فِي (خ) و (ف): أمير المؤمنين، والمثبت من المنتظم ١٢/ ٣٩، والخبر فيه.
(٣) أخرجه بهذا الإسناد الدارمي (٢٠٤٤)، وابن حبان (٥٢٣٧)، وأخرجه مسلم فِي صحيحه (٢٠٥٩) بعدة أسانيد. وانظر تتمة تخريجه فِي مسند أحمد (١٤٢٢٢).
(٤) المنتظم ١٢/ ٣٨ - ٣٩. والبيت للخنساء، وهو فِي ديوانها ص ٨٢.
(٥) تاريخ بغداد ١٥/ ٣٩٠ - ٣٩١، والمنتظم ١٢/ ٣٩ - ٤٠.