للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم خرج يحيى من الكوفة ومعه جماعةٌ من الزيدية، وجاءه الأعراب وأهل الطُّفوف، وأقام بمكان يقال له: البستان، واستفحل أمرُه، فبعث إليه محمدُ [بن عبد الله] (١) بن طاهر الحسينَ بن إسماعيل بن إبراهيم بن مصعب فِي جماعةٍ من القوَّاد والخراسانيين، فجاؤوا، فنزلوا بمقابلة يحيى، ثمَّ سار يحيى نحو السِّيب، ثم عاد إلى الكوفة، وعسكرُ ابن طاهر يتبعه، فلمَّا دخل الكوفة اجتمعتْ إليه الزيديَّة، ودعا إلى الرضا من آل محمد ، فأحبَّه الناسُ وبايعوه.

ونزل الحسين بن إسماعيل بمكان يقال له: شاهي، قريبًا من الكوفة، وجاءتهم الأمداد والميرة والأموال، ويحيى بالكوفة يشحذُ الأسلحة ويهيِّئُ آلة الحرب، فقال له جماعةٌ من الزيديَّة ممن لا علم لهم بالحرب: اخرج إلى الحسين قبلَ أن يقوى عليك، ووافقهم عوامّ أصحابه على ذلك، فزحفَ إليهم من ظهر الكوفة من وراء الخندق ليلة الاثنين لثلاث عشرة خلت من رجب، ومعه فرسان بني عِجْل، يقدمهم الهَيضَم العِجليّ، وفرسان بني أسد ورجاله من أهل الكوفة، فأدلجوا ليلتهم، وصبَّحُوا الحسينَ، وأصحابُه مستعدُّون مستريحون، وقد كلَّ أصحابُ يحيى من السهر، ومعظمُهم عراة، فحملَ عليهم أصحابُ الحسين فانهزموا، وكان تحت يحيى برذون فتقَطّر (٢) به، واجتمع جماعةٌ فقتلُوه وذبحوه، وبعثُوا برأسه إلى محمد بن عبد الله بن طاهر، وادَّعى قتلَه جماعةٌ.

وورد الرأسُ على ابن طاهر، وقد تغيَّر (٣)، فأمر بتقويره، فقُوِّرَ، وأخرج دماغه وعيناه، وحُشي بالصَّبِر والكافور، وبُعِثَ به إلى المستعين، فنصبَه بباب العامَّة بسامراء ساعة، ثم أمر بردِّه إلى بغداد، فنصب على [باب] الجسر (٤).

وقيل: لم يقدروا على نصبه لكثرة ما اجتمعَ من الناس، فدفن فِي قصر باب الذهب.

واجتمع بنو هاشم وفيهم جماعةٌ من الطالبيين إلى ابن طاهر ليهنونه بالفتح، وعنده


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٩/ ٢٦٧.
(٢) فِي (خ) و (ف): تقنطر. والمثبت من تاريخ الطبري ٩/ ٢٦٩، وتقطَّر أي: نفر. القاموس (قطر).
(٣) فِي تاريخ الطبري ٩/ ٢٦٩: تغبَّر.
(٤) فِي (خ) و (ف): الحسين. وفوقها فِي (خ): كذا. والمثبت وما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٩/ ٢٧٠.