للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرضي عنهما، وردَّهما إلى مرتبتهما، وردَّ عليهما ما كان أخذه منهما، وكتب إلى ابن طاهر فِي السرِّ يمنعهما من الخروج من بغداد، فلم يقدر، فخرجا وتركا أثقالهما وعيالهما بها، ودعت لهما العامَّة، فلمَّا وصَلا سرَّ من رأى أكرمهُما المعتزّ وخلعَ عليهما على بغضٍ منه، وفي قلبه منهما ما فيه. وفوَّض إلى موسى بن بغا ما كان إلى أبيه (١).

وقيل: إنَّ ابن طاهر دخل على المستعين ومعه شروط الأمان، فقال: يا أميرَ المؤمنين هذه شروط الأمان، كتبها سعيدُ بن حميد، وقد أكَّدها غايةَ التأكيد، أفنقرؤها عليك وأنت تسمع؟ فقال له المستعين: يا أبا العباس، لا عليكَ أن لا تؤكدها، فما القوم بأعلم منك، وقد أكَّدت على نفسِك قبلهم ما أكَّدتَ، وفعلتَ ما فعلت، فسكت محمد، ولم يرد عليه شيئًا.

ثمَّ نقلوا المستعينَ من الرُّصافة إلى قصر الحسن بن سهل فِي المُخَرِّم هو وعياله وولده وجواريه، ووكَّل بهم ابنُ طاهر [سعيدَ بن] (٢) رجاء الحضاري.

وكان عنده خاتمان من الجوهر يقال لأحدهما: الجبل، والآخر: البرج، فأخذهما محمد منه، وبعث بهما إلى المعتز (٣).

ولإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرَّم قدم أبو أحمد سامرَّاء منصرفًا من بغداد، فخلع عليه المعتز خِلَعَ الملك، وتوَّجه بتاجٍ من ذهب، وقَلَنْسُوةٍ مجوهرة، ووشاحين مجوهرين، وقلَّده سيفين مجوهرين، وأُجْلِس على كرسيٍّ، وخلع على القوَّاد (٤).

وفي رجب خلعَ المعتزُّ أخاه إبراهيم المؤتد من العهد، وسببه أنَّ عاملَ إرمينية -ويقال له: العلاء بن أحمد- أرسلَ إلى المؤيَّد بخسمة آلاف دينار؛ ليصلح بها أمره، فأخذها عيسى بن فرخانشاه، فأغرى المؤيَّدُ الأتراكَ بعيسى، وخالفهم المغاربة، فبعث المعتزُّ إلى إخوته المؤيَّد وأبي أحمد، فحبَسهما فِي الجوسق، وقيَّد المؤيَّد وضيَّق


(١) فِي تاريخ الطبري ٩/ ٣٥٦: وردَّ ديوان البريد كما كان قبل إلى موسى بن بغا الكبير، فقبل موسى ذلك.
(٢) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٩/ ٣٤٨.
(٣) تاريخ الطبري ٩/ ٣٤٩.
(٤) تاريخ الطبري ٩/ ٣٥٣ - ٣٥٤.