للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهرب مني تسعة أعشار عشر العشر،] (١) فقلتُ لما بقي: لا فِي الدنيا أردتم، ولا للجنة طلبتم (٢)، ولا من النار هربتم، ولا من البلاء فررتُم، فما الَّذي أردتم؟

قال المصنف (٣): كذا وقعت هذه الرواية، والصحيح [ما حدثنا به أبو اليُمن الكنديّ بإسناده عن محمد بن أحمد المفيد] (٤) قال: سمعتُ الجنيدَ يقول: كُنْتُ نائمًا عند سريّ، فأنبهني وقال لي: يا جنيد، رأيتُ كأنِّي وقفتُ بين يدي الله تعالى، فقال لي: يا سريّ، خلقتُ الخلقَ، فكلُّهم ادَّعوا محبَّتي، وخلقتُ الدنيا، فهرب منِّي تسعةُ أعشارهم، وبقيَ معي العشر، وخلقت الجنَّة، فهربَ مني تسعةُ أعشار العشر، وبقي معي عشر العشر، فسلَّطتُ عليهم ذَرَّةً من البلاء، فهربَ مني تسعةُ أعشار عشر العشر، فقلتُ للباقين معي: لا للدنيا أردتم، ولا للجنَّة أخذتم، ولا من البلاء هربتم، فما الَّذي أردتم؟ قالوا: وإنَّك لتعلمُ ما نريد، فقال لهم: فإنِّي مسلِّطٌ عليكم من البلاء بعدد أنفاسكم ما لا تقوم له الجبالُ الرواسي، أتصبرون؟ قالوا: إذا كنتَ أنت المبتلي، فافعلْ ما شئت. فهؤلاء عبادي حقًّا (٥).

[وحكى فِي "المناقب" عن الجنيد قال:] سألني سريٌّ يومًا عن المحبة، فقلت: قد قال قوم: هي الإيثار، وقال قومٌ: هي الموافقة، وقال قوم: كذا وكذا، فأخذ سريٌّ جلدةَ ذراعه فمدَّها، فلم تمتد، وقال: وعزَّتِه، لو شئتُ أن أقول: [إنَّ] هذه الجلدةَ يبست على هذا العظمِ من محبَّة الله تعالى لصدقت.

ثم غشي عليه، فدارَ وجهُه كأنَّه قمر، وكان [السريُّ فيه] أُدْمَة (٦).

ذكر وفاته رحمة الله عليه:

[قال أبو نعيم: حدثنا جعفر الخُلْدي فِي كتابه قال: سمعت الجُنيد يقول:] (٧) اعتلَّ


(١) كذا، وما بين حاصرتين من (ب).
(٢) فِي (ب): لا للدنيا طلبتم، ولا للآخرة طلبتم …
(٣) فِي (ب): قلت.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): ما رواه أحمد بن المفيد.
(٥) أخرجه أيضًا من طريق محمد بن أحمد المفيد ابنُ عساكر فِي تاريخ دمشق ٧/ ٨٨ (مخطوط).
(٦) مناقب الأبرار ١/ ١٤٩، وانظر تاريخ دمشق ٧/ ٨٨ (مخطوط)، وما بين حاصرتين من (ب).
(٧) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): قال الجنيد.