للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دفنته في قرية من قرى الساحل بين غَزَّة والأطرُون يقال لها: أزدود، وكانوا قد جعلوه تحت صنم لهم، فأصبحوا يومًا والصنم تحته، فأخذوا الصنم وسمَّروه على التابوت، فأصبحوا والصنم تحته والأصنام كلها منكسة الرؤوس، فأخرجوه من بيت الأصنام وحملوه إلى قرية أخرى. فأخذ أهلَ القرية وجَعٌ في حلوقهم فمات أكثرهم؛ فقالت لهم جويرية من بني إسرائيل كانت عندهم من بنات الأنبياء: لا تزالون ترون ما تكرهون مادام هذا التابوت فيكم، فأخرجوه عنكم. قالوا: كذبتِ، قالت: آيةُ ذلك أن تضعوا التابوت على عَجَلة وتعلقوها على بقرتين لهما أولاد، وتحبسوا أولادهما، فإنهما تنطلقان بالتابوت إلى أرض بني إسرائيل ثم تعودان إلى أولادهما، ففعلوا ذلك، فخرجت البقرتان به ووكل الله بهما أربعة أملاك يسوقونهما، وأقبلتا حتى وضعتاه في أرض بني إسرائيل وعادتا إلى أولادهما.

وقيل: أقبلت الملائكة تحمله بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه، حتى وضعته في دار طالوت، فأقروا له بالملك راضين بعد أن كانوا ساخطين (١).

وروى عطاء عن ابن عباس قال: التابوت وما فيه في بحيرة طبرية لا تقوم الساعة حتى يظهر (٢).

قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ﴾ [البقرة: ٢٤٩] أي: شخص، وأصل الفصل: القطع كقوله: ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ﴾ [يوسف: ٩٤] واختلفوا في عددهم على أقوال:

أحدها: أنهم كانوا ثمانين ألفًا، قاله مقاتل.

والثاني: تسعين ألفًا، قاله مجاهد.

والثالث: ست مئة الف، لم يتخلَّف عنه إلا الكبير لكبره والصغير لصغره وصاحبُ العذر لعذره، قاله الربيع بن أنس.

وكان خروجهم من بيت المقدس، والتابوت بين أيديهم، فلما رآهم طالوت قال:


(١) انظر "تاريخ الطبري" ١/ ٤٧٠ - ٤٧١، و"عرائس المجالس" ص ٢٧٠ - ٢٧١.
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٧١.