للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانوا كلُّهم زهَّادًا عُبَّادًا.

وكان أبو يزيد أفضلَ أهل زمانه، وأجلَّهم حالًا، له لسان في المعارف والتدقيق، وفي العلوم والمكاشفات (١)، والفناء والبقاء لم يُسبَق إليه.

ذكر طرف من أخباره:

[حكى أبو نعيم الأصفهاني وابن باكويه وابن خميس في "مناقب الأبرار" طرفًا من زهده وكراماته وخوفه وورعه وجميل صفاته وعباداته.

حدثنا جدِّي بإسناده إلى العباس بن حمزة يقول:] (٢) صلَّيتُ خلفَ أبي يزيد [البِسطامي] الظهرَ، فلمَّا أرادَ أنْ يرفعَ يديه ليكبِّر، لم يقدر إجلالًا لاسم الله تعالى، وارتعدت فرائصُه، حتَّى كنتُ أسمعُ تقعقعَ عظامِه، فهالني ذلك (٣).

[وروى جدِّي عن ابن ناصر بإسناده إلى عيسى بن آدم ابن أخي أبي يزيد قال:] (٤) وإن أبو يزيد يعظُ نفسه، فيصيح عليها: [يا مأوى كل سوء]، المرأةُ إذا حاضت طهرتْ بعد ثلاثة أيام، وأكثره عشرة، وأنت قاعدةٌ منذ عشرين أو ثلاثين سنة وبعد ما طهرت، فمتى تَطهُرين، إنَّك تقفين بين يدي الله تعالى، والوقوف بين يدي (٥) الطاهر ينبغي أن يكون طاهرًا (٦).

[قلت: لم يذكر له جدِّي في "المنتظم" سوى هذه الكلمات عن العبَّاس بن حمزة وعن عيسى بن آدم ابن أخي أبي يزيد، ولا خفاء أنَّ الرجل كان جليلًا سيِّدًا عارفًا نبيلًا، وقد استقصيتُ أخباره، وذكرتُ أحواله وآثاره، فأقول: حكى ابن باكويه بإسناده عن قاسم الحدَّاد قال:] (٧) خرجَ أبو يزيد في سياحاته، فجاءَ إلى دِجْلة، فالتقى له


(١) في (ب): في علوم المكاشفات.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): قال العباس بن حمزة.
(٣) المنتظم ١٢/ ١٦٦.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): قال عيسى بن آدم.
(٥) قوله: الوقوف بين يدي. ليس في (ب).
(٦) نص العبارة كما في المنتظم ١٢/ ١٦٧: إن وقوفك بين يدي الله طاهر فينبغي أن تكوني طاهرة.
(٧) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال قاسم الحداد.