للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: إنَّ الله خلقَ إبليسَ كلبًا من كلابه، وخلقَ الدُّنيا جيفةً، ثمَّ أقعدَ إبليس على آخر طريق الدنيا وأوَّل طريقِ الآخرة، وقال له: كلُّ مَن مال إلى الجيفة، فقد سلَّطتُك عليه (١).

[حديث الطَّاس والعسل والشعرة:

حكى القاضي الدامغانيُّ في "مجرَّد الحكايات" عن أبي يزيد البِسطاميّ قال: كنتُ جالسًا يومًا وعندي أربعةٌ من الصَّالحين، فأتي بَطاسٍ فيه عسلٌ، وإذا فيه شعرةٌ، فوُضِعَ بين أيدينا، فقال أبو يزيد: طاسٌ حسنٌ، وعسلهُ حلوٌ، وشعرةٌ دقيقةٌ، فليقل كلُّ واحدٍ منكم في هذا شيئًا.

فقال واحدٌ منهم: الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر أحسنُ من هذا الطَّاس، وحلاوةُ العلمِ أحلَى من هذا العسل، وصدقُ الدَّعوى أدقُّ من هذه الشعرة.

وقال الثاني: العقلُ أحسنُ من هذا الطَّاس، وكتابُ الله أحلَى من العسل، وطريقُ الحُجَّة أدقُّ من هذه الشعرة.

وقال الثالث: اليقينُ أحسنُ من هذا الطَّاس، والعلمُ أحلى من هذا العسل، وطريقُ الورعِ أدقُّ من هذه الشعرة.

وقال الرابع: الآخرة أحسن من هذا الطَّاس، ونعيمُ الجنَّة أحلى من هذا العسل، وطريقُ الأولياء إلى الله أدقُّ من هذه الشعرة.

فقالوا لأبي يزيد: فما تقول أنت؟

فقال: المعرفةُ في قلوب العارفين أحسنُ من هذا الطَّاس، ورؤيةُ المحبِّين لله أحلى من هذا العسل، وطريقُ الصدق أدقُّ من هذه الشعرة.

ذكر قصَّة الشابِّ الذي ماتَ عند رؤيته:

ذكر ابن خميس في "المناقب"، والغزاليُّ في "الإحياء"، وصاحب "القوت"، وغيرهم عن بعض أصحاب أبي يزيد قال:] (٢) كان عندي شابٌّ متعبِّدٌ ملازمٌ للخلوة،


(١) مناقب الأبرار ١/ ١٩٤، وطبقات الأولياء ص ٤٠٢.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال بعض أصحاب أبي يزيد.