للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحِلَق على قدر المسامير، لا تكون واسعة فتعلق المسامير ولا ضيقة فتكسرها المسامير الغلاظ.

وقال الله تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ﴾ [الأنبياء: ٨٠] قال وهب: اللبوس عند العرب السلاح كله، درعًا كان أو جوشنًا أو سيفًا أو رمحًا.

وقال قتادة: أول من صنع الدروع داود، وكانت صفائح، فهو أول من سردها، وعلَّمه الله منطق الطير.

وقال وهب: كان سبب عمله الدروع أنه كان يخرج متنكرًا، فإذا وجد جماعة لا يعرفونه دنا منهم، وسألهم عن سيرة داود، فيثنون عليه ويدعون له، فبينما هو في بعض الأيام على عادته يسأل عن نفسه بعث الله إليه ملكًا في سورة آدمي فقال: نِعْمَ الرجل هو داود لولا أنه يأخد من بيت المال، فضاق صدرُ داود، وسأل الله أن يغنيه، فألان له الحديد، فكان في يده مثل الخيوط، وكان يبيع الدرع بأربعة آلاف درهم يأكل منها ويتصدق ويطعم عياله (١).

وأعطاه من طيب النغمة ما لم يُعْطَ غيره، فكان إذا قرأ الزبور دنت منه الوحوش حتى تُؤْخذ بأعناقها وإنها لمُصيخَة. قال ابن عباس: وما صُنعت الصُّنوج والمزامير إلا على صوته وكذا كل لحن مطرب. وكان إذا قرأ أظلَّتْهُ الطيور ووقفَ الماءُ الجاري وسكنت الرياح (٢).

وقال مجاهد: كان الله قد أعطاه سلسلة موصولة بالمجرة ورأسها عند صومعته، ولونها لون النار، وهي مرصعة بالجواهر وقضبان اللؤلؤ، فلا يحدث في الهواء حدث إلا صلصلت السلسلة فيعلم داود ما حدث ولا يمسُّها ذو عاهة إلا برئ (٣)، وسنذكرها.


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٨١.
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٧٨.
(٣) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٧٩.