للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الكتاب، فقالت: أنا أرسله [إليه] ولي بك حاجة (١)، فدفع إليها الكتاب، فدفعتْه إلى الخادم الذي كان معها وقالت: اذهب به إليه، وشَغَلت أحمد بالحديث، وإنَّما قصدت أن يزداد عليه طولون حَنَقًا.

فلمَّا وقف المأمور على الكتاب قطع رأس الخادم، وبعث به إلى طولون، فلمَّا رآه عَجِب، واستدعى أحمد، وقال له: اصدُقْني، ما الذي رأيتَ في طريقك إلى المقصورة؟ قال: لا شيء، قال: اصدقني وإلَّا قتلتُك. فصدقه الحديث، وعَلِمت الجارية بقتل الخادم، فخرجت ذَليلةً حَيرانة، فقال لها: اصدُقيني، فصدقتْه، فقتلَها، وحظي أحمد عنده.

[قلت: ما أشبه هذه الحكاية بقول القائل: أحسنْ إلى المُحْسِن بإحسانه، فأمَّا المُسيء فتكفيه مَساءته. وفي الباب حكاية معروفة].

قال أحمد بن يوسف [الكاتب]: قلتُ لأبي العباس بن خاقان: النَّاس [في أحمد] فرقتان؛ فرقة تقول: إنَّ أحمدَ ابنُ طولون. وأخرى تقول: هو ابن مَليح التركي (٢)، وأمُّه قاسم جارية طولون، فقال: كذبوا، إنَّما هو ابن طولون، ودليله: أنَّ الموفَّق لمَّا لعنه نسبه إلى طولون ولم ينسبه إلى مليح (٣)، و [كان] مليح مِضحاكًا يُسخر منه، وطولون معروف بالسّتر.

وقال أحمد بن يوسف في "سيرة ابن طولون": إنَّ طولون كان رجلًا (٤) من أهل طُغُزغُز، فحمله نوح بن أسد عامل بخارى إلى المأمون فيما كان موظَّفًا عليه [من المال والرَّقيق والخيل في كلِّ سنة.

وولد أحمد بن طولون بسامرَّاءَ من جارية يقال لها: قاسم].

واختلفوا في وفاة طولون، فحكينا عن أحمد بن يوسف الكاتب: أنه مات في سنة


(١) في (خ) و (ت): أنا أرسله ولك بي حاجة، والمثبت من (ب) وما بين معكوفين منه، وانظر "مختصر تاريخ دمشق" لابن منظور ٣/ ١٢٢ - ١٢٣، و"المقفّى" للمقريزي ١/ ٤١٨، و"النجوم الزاهرة" ٣/ ٢.
(٢) في "النجوم الزاهرة" ٣/ ٣: ابن يليخ التركي. وما سلف ويأتي بين معكوفين من (ب).
(٣) في (ب): أسنده لابن طولون، ولو كان ابن مليح لأسنده إليه.
(٤) في (خ) و (ف): وقال أحمد بن يوسف: كان طولون رجلًا، والمثبت من (ب).