للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ وقولِه : "إذا تجلَّى الله لشيء خضع له" (١) فكان كما قالوا.

وأنفق على المارستان ستِّين ألف دينار، وعلى حصن الجزيرة ثمانين ألف دينار، وعلى الميدان خمسين ألف دينار (٢).

وحمل إلى المعتمد في مدَّة أربع سنين ألفي ألف دينار ومئتي ألف دينار، وكان خراجُ مصر في أيَّامه أربعة آلاف ألف وثلاثمئة ألف دينار.

وقال له وكيله [يومًا] في الصّدقات: ربَّما امتدَّت إليَّ الكفُّ المطوَّقة، والمعصم فيه السِّوار، والكمّ النَّاعم، أفأمنع هذه الوظيفة؟ فقال له: ويحك، هؤلاء المستورون الَّذين يحسبهم الجاهلُ أغنياءَ من التَّعفُّف، احذر أن تردَّ يدًا امتدَّت إليك.

[وجرت له قصَّة مع الحسن بن سفيان نذكرها في سنة ثلاث وثلاثمئة].

وحسَّن له بعض التجَّار التجارة، فدفع إليه خمسين ألف دينار، فرأى في المنام كأنَّه يُمَشْمِش (٣) عَظْمًا، فدعى المُعَبِّر فقصَّ عليه، فقال [له]: قد سَمَت همَّتُك إلى مَكْسَب لا يُشبه خَطَرك، فأرسل إلى التَّاجر، فأخذ المال فتصدَّق به.

وكان فيه خِلال جميلة، إلَّا أنَّه لمَّا ولي مصر والشَام ظَلَم وسفك، فيقال: إنَّه مات في حبسه ثمانية عشر ألفًا.

و [رأيتُ في كتاب "تعبير الرؤيا" أنَّ ابن طولون] رأى في منامه كأنَّ الحقَّ قد مات في داره، فاستعظم ذلك، وانتبه فَزِعًا، وجمع المعبِّرين فلم يَدْروا، فقال له بعضهم: أقول ولي الأمان، قال: نعم، قال: أنت ظالم قد أمتَّ الحقَّ في دارك، فبكى [ابن طولون].

ذكر [مرضه و] وفاته:

[ذكر أحمد بن يوسف بن إبراهيم الكاتب في "سيرة ابن طولون" أنَّ] بدوَّ مرضه كان بأنطاكية لمَّا عاد عن طَرَسوس، وكان قد أكل من لبن الجاموس فأكثر منه، وكان له


(١) ما بين قوسين زيادة من "النجوم الزاهرة" ٣/ ٨، وحسن المحاضرة، ولم نقف على الحديث.
(٢) الذي في مختصر "تاريخ دمشق" ٣/ ١٢٤ وعلى الميدان مئة وخمسين ألف.
(٣) مشمش العظمَ: مصَّه ممضوغًا. "اللسان": (مشش).