للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكورة.

كان إمامًا، عالمًا، فاضلًا، وَرِعًا، مُجابَ الدعوة.

[ذكره العلماء وأثنوا عليه، و] رحل إلى مكة، والمدينة، ومصر، والشَّام، ودمشق، وبغداد، والمشرق، والعراقَين، وكان له مئتان وأربعة وثمانون شيخًا.

ولد في رمضان سنة إحدى ومئتين.

[ذكر حكايته مع المرأة التي أُسر ولدُها:

حدثنا عبد الملك بن مُظَفّر بن غالب الحربي، عن أحمد بن مظفّر بإسناده إلى عبد الرَّحمن بن أحمد يقول: سمعت أبي يقول:] جاءت امرأة [إلى بقي بن مخلد] فقالت: إنَّ ابني أسره الرُّوم، وليس له مالٌ سوى دُويرةٍ أسكُنُها، ولا طاقةَ لي على بيعها، فلو أشرتَ إلى مَن يَفديه، فليس لي قَرارٌ في ليل ولا نهار، فقال: نعم، [تصبَّري] حتَّى انظر في أمره إن شاء الله، وأطرق الشَّيخ وحرَّك شَفَتيه، ولبثت المرأة مدَّةً، وجاءت ومعها ابنُها وهي تدعو للشَّيخ وتقول: قد جاء سالمًا، وله حديثٌ يحدِّثُك به، فقال الشَّابُّ: كنَّا في يدَي بعض العمَّال يستعملنا، فخرجنا يومًا إلى الصَّحراء وعلينا قيودُنا، فبينا أنا كذلك انفتح القَيدُ من رجلي، ووصف اليوم والسَّاعة التي جاءت المرأة فيها إلى (١) الشَّيخ ودعا، قال: فصاح بي الَّذي كان يَحفظُني ويستعملني وقال: كسرتَ القيد؟ قلت: لا والله، بل سقط من رجلي، فتحيَّر وأخبر الملك، فأحضر الحدَّاد وقيَّدني ثانيًا، فلما مشَيت خطوات سقط القيد من رجلي، فتحيَّر، وأعاده ثالثًا وهو يسقط، [فقال الملك: لك والدة؟ قلت: نعم، وفي رواية:] فأُحضر علماؤهم ورُهبانُهم [فأخبروهم] فقال الرهبان: ألك والدة؟ قلت: نعم، فقالوا: قد وافق دعاؤها الإجابة، وقد أطلقك الله تعالى فلا نقدر على تَقييدك، وزوَّدوني وبعثوني إلى ناحية المسلمين.

[قال الحميدي:] كان بقيٌّ يمشي في حوائج النَّاس إلى الولاة، وربَّما أتته المرأة في الليلة المظلمة في حاجة، فيمشي معها إلى الأمير [والله أعلم].


(١) من هنا إلى آخر السنة ليس في (ف)، وكتب في هامشها: خرم ورقة بالأصل.