للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسلم جدُّه تميم على يدي حَبيب بن مَسْلَمة الفِهريّ، وسمِّي ديك الجنّ لأنَّ عينيه كانتا خضراوتين، وكان قبيح المنظر.

[وكان شاعرًا] فصيحًا، عاصر أبا تمَّام، وكان أبو تمَّام يعترف له بالفضل، وهو من شعراء الدَّولة العبَّاسية، وكان يسكن حمص ويتشيَّع وله مَرَاثٍ في الحسين (١).

ومن شعره: [من الكامل]

سُكران سكر هوًى وسُكر مُدامةٍ … فمتى يُفيق فتًى به سكران

وكان صاحبَ لَهْو، [ولم يذكر الأصفهاني تاريخ وفاته،] وهو الذي قتل غلامَه وجاريتَه.

وقال عليُّ بن عبد الله الأنماطي: كان عبد السَّلام (٢) بن رَغْبان الملقَّب بديك الجنّ شاعرًا، أديبًا، ذا نعمة حَسَنة، وكان له غلامٌ كالبدر، وجارية كالشَّمس، وكان يهواهما جميعًا، فدخل يومًا منزله على غَفلةٍ فرآهما مُتَعانقَين، والجارية تقبِّل الغلام، فشدَّ عليهما فقتلهما، ثمَّ جلس عند رأس الجارية يبكي ويقول: [من الكامل]

يا طلعةً طلع الحِمامُ عليها … وجنى لها ثَمَرَ الرَّدى بيدَيها

روَّيتُ من دمها الثَّرى ولطالما … روَّى الهوى شَفَتيَّ من شَفتيها

فأَجَلْتُ سَيفي في مَجال خِناقها … ومَدامعي تجري على خدَّيها

فوَحَقِّ عينيها وما وَطِئ الثَّرى … شيءٌ أعزُّ عليَّ من عَينيها

ما كان قَتْليها لأنِّي لم أكن … أبكي إذا سقط الغُبارُ عليها

لكن بَخِلْتُ على سِواي بحُسْنها … وأنِفْتُ من نظر الغلام إليها

ثم جلس عند رأس الغلام فقال: [من الكامل]

قمرٌ أنا استخرجتُه من خِدْره … بمَودَّتي وجَزيتُه من غَدْرهِ

فقتلتُه وله عليَّ كرامةٌ … مِلْءُ الحشا وله الفؤادُ بأَسْرهِ


(١) "الأغاني" ١٤/ ٥١.
(٢) في (ب): وذكر القصة الخرائطي في "اعتلال القلوب" (٣١٢) فقال بإسناده عن جماعة من شيوخ حمص قالوا: كان عبد السلام، والمثبت من (خ) و (ف).