للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر مقتله:

حكى الحافظ ابن عساكر في "تاريخه" عن محمد بن صالح الدمشقي قال: كان خمارويه، كثير الفساد مع الخدم [متجرِّئًا على الله تعالى في ذلك،] دخل الحمَّام مع جماعة منهم، فطلب من بعضهم الفاحشة، فامتنع الخادم حياءً من الخدم [الذين كانوا معه]، فأمر خمارويه أن يُضرب، فلم يزل يصيح إلى أن مات في الحمَّام، فأبغضه الخدم [وكرهوه، وسألوا الفقهاء: ما حدّ اللواط؟ فقالوا: القتل].

وكان قد بنى قصرًا بسفح قاسيون أسفل من دير مُرَّان يَشرب فيه، فدخل تلك الليلة الحمَّام، فذبحه خَدَمه، وقيل: ذبحوه على فراشه وهربوا.

ويقال: إنَّ بعض الخدم تولَّع بجارية لخمارويه، فتهدَّده بالقتل، فاتَّفق مع الخدم على قتله، وكان ذَبْحُه منتصف ذي الحجَّة [من هذه السنة]، وقيل: لثلاثٍ خلون منه.

وكان طُغْج بن جُفّ في القصر في تلك اللَّيلة، وبلغه الخبر، فركب وتبع الخدم، وكانوا نيفًا وعشرين خادمًا، فأدركهم، فقتلهم وصلبهم.

وحُمل أبو الجَيش خمارويه في تابوت إلى مصر، وصلَّى عليه ابنه جَيش. [قال ابن عساكر:] ويقال: إنَّه دُفِن إلى جانب (١) أبي عبيد البُسْري، فرآه بعض أصحابه في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي بقربي من أبي عبيد ومجاورته (٢).

ثمَّ ولي [بعده] ابنُه جَيش، فقتلوه بعده بيسير، ثم ولَّوا أخاه هارون بن خُمارويه، وقرّر على نفسه أن يحمل إلى المعتضد [في] كلّ سنة ألف ألف دينار وخمس مئة ألف دينار.

فلمَّا ولي المكتفي عَزَله، وولّى محمد بن سليمان الواثقي، فاستصفى أموال آل طولون، وكان هارون آخر ولاتهم.

وكان عمرُ خُمارويه حين قُتل سبعًا وعشرين سنة، وقيل: اثنتين وثلاثين سنة.

ورثاه أحمد بن سعيد أبو بكر الطَّائي: [من البسيط]


(١) في (خ): دفن في القصر إلى جانب.
(٢) تاريخ دمشق ٥/ ٦٨٨ - ٦٨٩ (مخطوط)، وانظر ترجمته في ولاة مصر للكندي ص ٢٥٨ - ٢٦٤، والمنتظم ١٢/ ٣٥٠ - ٣٥١، وتاريخ الإسلام ٦/ ٧٤٧ - ٧٤٩.