واعْطِ الخليفةَ ما يُرضيه منك ولا … تَمنعْه مالًا ولا أهلًا ولا وَلَدًا
واردُدْ أخا يَشْكُرٍ ردًّا يكون له .. رِدْءًا من السُّوء لا تُشْمِت به أحدا
قال اليَشْكُريُّ: فأخذتُ الكتاب، ورجعتُ به إلى محمَّد، فقرأه، ورمى به إليَّ وقال: يا أخا يشْكُر، ليس بآراء النِّساء وعقولهنَ تَتِمُّ الدُّول ويُساس الملك، ارجع إلى صاحبك.
قال: فرجعتُ إلى المعتضد، فأخبرته بالخبر، وناولتُه كتابَها فقرأه، فأعجبه عقلُها وشِعرُها، ثمَّ تبسَّم وقال: والله إنّي لأرجو أن أشفِّع أمَّ الشَّريف في كثير من القوم.
ثمَّ تطاول الأمر على محمَّد، فضَعُف وعَجز، وخانه أصحابُه، فأرسل إلى المعتضد يطلب الأمان لنفسه ولأهل البلد فأعطاه، فخرج إليه محمَّد ومعه أصحابُه وأولياؤه، فوصلوا إلى الخليفة، فخَلَع عليه وعليهم، وانصرفوا إلى مَضْرِبٍ قد أُعِدَّ لهم، وتحوَّل المعتضد من عسكره إلى منازل محمَّد ودوره، ولما استقرَّ به المنزل قال لليَشْكُريّ: هل عندك من أمِّ الشَّريف خَبر؟ قال: لا، قال: فامضِ مع هذا الخادم فإنَّك ستجدها في جُملة نسائها.
قال: فانصرفتُ وإذا بها كما قال، فلما رأتني سَفَرتْ عن وجهها وقالت: [من مجزوء الكامل]
رَيبُ الزَّمان وصَرْفُه … وعِنادُه كشف القِناعا
وأذلَّ بعد العزِّ منَّا الصَّعْبَ … والبَطَلَ الشُّجاعا
ولكم نَصَحْتُ فما أُطِعتُ … وكم حَرَصْتُ بأن أُطاعا
فأبى بنا المِقْدار إلَّا … أن نُقَسَّم أو نُباعا
يا ليتَ شِعريِ هل نَرى … أبدًا لفُرقَتنا اجتماعا
ثمَّ بكت حتَّى على صوتُها، وضربت بيدها على الأخرى، وقالت: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، كأنِّي والله كنتُ أرى ما أرى، فقلتُ لها: إنَّ أمير المؤمنين وجَّه بي إليك وبهذا الخادم، وما ذاك إلَّا لجميل رأيه فيك، فقالت: فهل لك أن توصل لي إلى أمير المؤمنين رُقْعَة؟ قلت: نعم، فدفعتْ إلي رقعة فيها: [من الكامل]
قلْ للخليفةِ والإمامِ المرتَضى … وابنِ الخلائفِ من قريش الأبطحِ