للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَزَر للمعتضد (١) عشر سنين وشهرين وعشرة أيام، وكان ناهضًا، كافيًا، يلتقي الأعداء بنفسه، ومضى إلى الرَّيّ مع علي بن المعتضد [وقد ذكرناه]، وكانت وفاتُه يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلةً خلت من شهر ربيع الآخر، وصلَّى عليه ابنه القاسم، ودُفن بداره، وكتب المعتضدُ رُقعةً إلى القاسم يعزِّيه بأبيه، ويترحَّم عليه، ويأمره بالقيام بأمر الوزارة، وذلك بإشارة بدر أبي النجم.

وقد حكى القاضي التَّنُوخي عن أبيه قال: لمَّا مات عبيد الله أراد المعتضد أن يولِّي الوزارة أحد رجلين: إمَّا أحمد بن الفرات، وإمَّا جَرادة، فاستشار بَدْرا فقال: يا أمير المؤمنين، ابنُ الفرات لا هَيبةَ له، وجَرادةَ غِرٌّ، والقاسم قد خَبَر الأمور، وعرف مَوارِدَها ومَصادرَها، فقال المعتضد: قد أجبناك إلى سؤالك في القاسم، فاذهب إليه فعَزِّهِ بأبيه، وهنِّه بالوزارة.

فلمَّا خرج بدر قال المعتضد لخَفيف الحاجب السَّمرقنديّ وكان حاضرًا: أسمعتَ ما جرى؟ قال خفيف: نعم، فقال: والله لا قتل بَدْرًا غير القاسم، فكان كما قال، كأنَّه كان ينظر من سِتْر رقيق.

ثمَّ ركب القاسم إلى دار المعتضد يوم الأربعاء منتصفَ ربيع الآخر، بعد وفاة أبيه بيوم، والمعتضدُ في الثريَّا، فخلع عليه خِلْعةَ الوزارة، وعاد إلى منزله، وبدرٌ والقواد بين يديه (٢).

* * *


(١) في (خ): وزير المعتضد. والمثبت وما بين معكوفين من (ف) و (م ١).
(٢) من قوله: وقد حكى القاضي … إلى هنا ليس في (ف م ١)، وانظر ترجمة الوزير في السير ١٣/ ٤٩٧.