للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن المؤيَّد، وعبد العزيز بن المعتمد، وعبد الله بن الموفَّق، فأُخذت عليهم البيعة، ووكّل بهم في دار مؤنس (١).

قال عبد الله بن المعتز: فسهرت ليلةً، وفكَّرت في نفسي وقلت: غدًا يَقدُم المكتفي فيقتلنا، ولنا اتِّصال برسول الله ، فمرَّت بي وقتَ السَّحَر حَمامةٌ، فقلت: [من البسيط]

يا نفسُ صَبْرًا لعل الخيرَ عُقباكِ … خانتْكِ من بعد طُولِ الأمْنِ دُنياكِ

مرَّت بنا سَحَرًا طيرٌ فقلت [لها] … طُوباكِ يا ليتني إيَّاك طوباكِ

لكنْ هو الدَّهرُ فالْقَيه على حَذَرٍ … فربَّ مِثلك تَنْزو بين أشْراكِ

فأحببتُ أن أكون مثلها مُخَلَّيًا (٢).

وسأل المكتفي عنَّا، فأُخبر بحالنا، فأطلَقَنا في السَّحَر، وأعطى كلَّ واحد منا ألفَ دينار، وقيل: إنَّ القاسم الوزير أطلقهم، وردَّهم إلى منازلهم مُكرَّمين لما دخل المكتفي، وأنفذ القاسم الأمور.

وتوفِّي المعتضد ليلة الاثنين لثمان بقين من ربيع الآخر على خمس ساعات من الليل، وكان المكتفي بالرقَّة، فكتب إليه القاسم كتابًا في الحال يخبره أنَّه أخذ له البيعة قبل وفاة المعتضد، ثمَّ جدَّدها بعد ذلك، وقال في كتابه: وقد أفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين، وفي بيوت الأموال عشرة آلاف ألف دينار، ومن الدَّراهم أضعافها، ومن الجواهر ما قيمته كذلك، ومن الأثاث والأمتعة والكسوة والفُرش أضعاف ذلك، ومن الخيل والدوابّ والجمال والبغال عشرون ألفًا، وذكر أشياء كثيرة.

فكتب المكتفي: أمتعني الله بك أبا محمَّد -شرَّفه بالكنية- مَن كان موقعُه من دولتنا موقعَك، ومحلُّه فيها محلَّك من حمايتها وتأييدها والاجتهاد فيها يزيد من عزِّها وتمكينها، استحقَّ الحباء والكرامة، والسُّموَّ إلى أعلى المراتب، وقد أمرنا بتكنيتك بحضرتنا وفي مجالسنا؛ إظهارًا لموقعك منَّا، وحالك عندنا، ومستقرِّك من رأينا، على


(١) تاريخ الإِسلام ٦/ ٦٦١ - ٦٦٢.
(٢) أشعار أولاد الخلفاء ٢٨٦، وتاريخ بغداد ١١/ ٣٠٥.