للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد. والأول أصحّ.

قال السُّلمي:] وإنَّما سُمِّي النُّوري لأنَّه كان إذا حضر في مكان تنوَّر، وكان إذا دخل مسجد الشُّونيزيَّة ليلًا انقطع ضوءُ السِّراج، وإذا حضر مع أصحابه لا يؤذيهم برغوث (١).

وكان أوحدَ وقته، صاحبَ لسان وحال، ولم يكن في وقته من مشايخ الصُّوفية أحسن طريقة منه، ولا ألطف كلامًا.

وقال [الخطيب بإسناده عن] أبي أحمد المغازلي [قال:] ما رأيت أعبدَ من النُّوري، قيل له: ولا الجُنيد؟ قال: لا ولا الجنيد.

وقال أبو جعفر الفَرْغانيُّ: مكث أبو الحسين النُّوري عشرين سنة يأخذ من بيته رغيفين، ويخرج ليمضيَ إلى السُّوق، فيتصدَّق بالرغيفين، ويدخل إلى مسجد فلا يزال يركع حتَّى يجيء وقتُ سُوقه، فإذا جاء الوقت مضى إلى السُّوق، فيظنُّ أستاذُه أنَّه قد تغدَّى في منزله، ويظنُّ مَنْ في بيته أنَّه قد أخذ معه غداءه، وإنَّه لصائم.

[وقال السُّلَميُّ: كانت له قنينة تَسَع خمسة أرطال ماء؛ يشربها عند إفطاره في خمس ليالٍ.

وروى الخطيب بإسناده عن] عمر النَّجَّار قال: دخل أبو الحسين إلى الماء ليغتسل، فجاء لصٌّ فأخذ ثيابه، فخرج من الماء فلم يجدْها، فرجع إلى الماء، وإذا باللِّصِّ قد جاء وقد يَبِست يدُه اليمنى والثِّيابُ معه، فوضعها بين يديه، فلبسها [أبو الحسن] وقال: يا سيِّدي، قد ردَّ عليَّ ثيابي فرُدَّ عليه يده، فأطلق اللهُ يدَه.

[وروى الخطيب بإسناده إلى] أبي عمر الأنماطي قال: اعتلَّ النُّوري، فبعث الجنيد إليه بصُرَّة فيها دراهم، فردَّها عليه، واعتلَّ الجنيد، فعاده النُّوري وقعد عند رأسه، ووضع يده على جبهته، فعُوفي الجنيد من ساعته، فقال له النُّوريُّ: إذا عُدتَ إخوانَكَ فارفقهم بمثل هذا البِرِّ (٢)، [وذكرها ابن جهضم وقال:] إنَّ النُّوري لما عاد الجنيدَ قال لأصحابه: اقتسموا علَّته، فأدخلوا رؤوسهم في مرقَّعاتهم، ثمَّ أخرجوها، وعُوفي


(١) بعدها في (ف م ١): ذكر طرف من أخباره حكى السلمي وغيره في المناقب طرفًا منها.
(٢) تاريخ بغداد ٦/ ٣٣٢ - ٣٣٤.