الخشب، ثم ترفعها فتنقلها الريح وتسير بها بين السماء والأرض، وكذا بعسكره، تقلّه على البساط (١).
وروى ابن جبير عن ابن عباس قال: كان يُوضع لسليمان ست مئة كرسي ويجيء أشراف الناس فيجلسون عليها مما يليه، ثم يجيء أشراف الجن فيجلسون مما يلي الإنس، ثم يدعو الطير فتظلهم، ثم يدعو الرِّيحَ فتحملهم فتسير في الغداة الواحدة مسيرة شهر، يركب من تَدْمُر فيَقِيل بإصْطَخْر، وَيروح من إصْطَخْر فيبيتُ بقلعة خُراسان في المباني المعروفة بقلعة سليمان.
وقال الحسن: كان يروح من البيت المقدس فيبيت بكَابُل، والطباخون وأرباب الصنائع يعملون أشغالهم على بساطه ولا تتغير عليهم حال. وكان مسير الرياح شهرًا في رَوحته وشهرًا في غَدوته كما قال الله تعالى.
وقال وهب: وُجد على حجر مكتوب بالمسند بناحية دجلة: نحن نزلنا في غَدوتنا من فِلسطين إلى إصْطَخْرَ، ومنه نقفل إلى خُراسانَ.
وحكى الثعلبي: أَنه كان مكتوبًا على الحجر إنما كتبه بعض الإنس أو الجن ثم نزلناه وما بنيناه ومبنيًا وجَدناه، غَدَونا إصْطَخْر فقلناه.
وقال مجاهد: كان سليمان يغدو من دِمشق فيقيل بإصطَخْرَ، ويروح بإصطَخْرَ فيقيل بكابُل، وبين إصطَخْر وكابُل مسيرة شهر. قلت: وهذا وهم، بينهما مسيرة شهرين وثلاثة.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: سار سليمان من الشَّام إلى خُراسان فصلى العصر بمَروَ، ومضى نحو المشرق فخاض بلاد الهِند والسِّند والصِّين في ثلاثة أيام، ثم عاد إلى الشَّام على ظهر الرِّيح. قال: ولما عقر الخيل سخَّر الله له الرّيح.
قال وهب: بلغ سليمان أن في البحر ماردًا عاتيًا فأرسل الله إليه، فجيء به إلى بابه، فأخذ المارد عودًا قدر ذراع فرمى به إلى بين يدي سليمان، فقال سليمان: تدرون ما يقول؟ قالوا: لا، قال: يقول: لا تغترَّ بملكك واصنع ما شئت، فإنك تصير إلى مثل