للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحكى الخطيب (١) عن] جعفر الخُلْديِّ قال: رأيتُ (١) الجنيدَ في منامي فقلت: ما فعلَ الله بك؟ فقال: طاحت تلكَ الإشارات، وذهبتْ تلك العبارات، وفَنِيَتْ تلك العلوم، ونَفِدت تلك الرسوم، وما نفعنا إلَّا رُكيعات كنَّا نركعها في وقت السَّحَر.

لقي الجنيدُ خلقًا كثيرًا من العلماء والشيوخ، فقال: صَحِبتُ خمس طبقات من أكابر النَّاس؛

فأوَّلُهم خالي سَرِيٌّ السَّقَطيُّ، والحارثُ بنُ أسد المحاسبيُّ، وأبو جعفر الخصَّاف، وأبو يعقوب محمد بن الصّباح، ونظراؤهم في السِّنِّ والمكانة.

والطبقة الثانية: أبو عثمان الورَّاق، وأبو الحسين بن الكريبي، وأبو حمزة محمد بن إبراهيم، وحسن المُسُوحيُّ، ومحمد بن أبي الورد، ونظراؤهم.

والطبقة الثالثة: محمد بن وهب، و [أبو] يعقوبُ الزيَّات (٢)، وسعد الدمشقيُّ البزاز، ونظراؤهم.

والطبقة الرابعة: أبو القاسم الواسطيُّ، وأبو العبَّاس الأدَميُّ، وأبو أحمد المغازليُّ، ومحمدُ بن السمَّاك، ونظراؤهم.

والطبقة الخامسة، وهي التي نحن فيها، ما رأيتُ أحدًا من هؤلاء زَحَمَتْه حاجةٌ فاحتشم صاحبه (٣) منها، وعلى هذا مضى أكابرُ أهلِ هذه الصِّفة.

أسند الجنيدُ الحديثَ عن الحسن بن عَرفة وغيرِه.

وقال الخطيب بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "اتقوا فِراسة المؤمن فإنَّه ينظر بنور الله" ثمَّ قرأ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥] (٤).


(١) في (خ): وقال جعفر الخلدي رأيت، والمثبت من (ف م ١)، والخبر في تاريخ بغداد ٨/ ١٧٦.
(٢) في (خ): ويعقوب بن الزيات، والمثبت صفة الصفوة ٢/ ٤١٦.
(٣) في تاريخ دمشق ٧/ ١٢٨، زحمته جارحة عند صاحبه.
(٤) تاريخ بغداد ٨/ ١٦٩، وسلف تخريج الحديث قريبًا، ومن قوله: وقال الخطيب بإسناده إلى هنا من (ف) (م ١)، وجاء بعد هذا فيهما: انتهت ترجمة الجنيد والحمد لله وحده وصلى الله على أشرف الخلق سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.