للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى علي بن المُحَسِّن التنوخيُّ عن أبيه: كان (١) ابن الراوندي يجالس الزَّنادقة وأهلَ الإلحاد، فإذا عوتب، قال: إنَّما أريد أن أعرف مذاهبهم.

ثمَّ كاشف وناظر على الإلحاد، وصنَّف في الزَّندقة كتبًا كثيرة، منها كتاب: "نعت الحكمة"، وكتاب "قضيب الذَّهب"، وكتاب "التاج"، وكتاب "الزمرُّد"، وكتاب "الدَّمغ للقرآن"، وكتاب "الفريد"، وكتاب "إمامة المفضول" [، وقد نقض كتابَ الحكمة وغيره أبو عليٍّ محمد بن عبد الوهَّاب الجُبَّائيُّ، ونقض عليه كتاب "الزمرُّد" أبو الحسين عبد الرَّحيم بن محمد الخيَّاط، ونقض عليه كتاب "الزمرُّد" أيضًا أبو علي الجُبَّائي وغيره].

وأزرى في كتاب "الزمرّد" على النبوَّات وقال فيه: إنَّا نجد في كلام أكثم بن صيفي أحسن من ﴿إِنَّا أَعْطَينَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ وإنَّ الأنبياء وقعوا بطِلَّسْمات، كما أنَّ المغناطيس يجذبُ الحديد، وقوله لعمار: "تقتلك الفئة الباغية" (٢) فإنَّ المنجِّم يقول مثل هذا إذا عرف المولد والطَّالع.

وقال أبو علي الجبَّائي: لم أجد في كتاب ابن الراونديّ الزنديق [الفاجر] إلَّا السَّفَهَ والكذبَ، قال: وقد وضع كتابًا في قِدَم العالم، ونَفْيِ الصانع، وتصحيحِ مذهب الدَّهْرية، وفي الردّ على أهل التوحيد، قال: وصنَّف كتابًا سمَّاه "الزمرّد" في الطَّعن على النبيِّ ، وشتم فيه رسولَ الله في مواضعَ، ونسبه إلى الكذب، وطعن في القرآن فادّعى في تسمية هذا الكتاب بالزمرد [لأن الزمرد] له خاصيَّة في نظر الأفاعي والحيَّات إذا رأته عَمِيت، فكان قصدُه أنَّ الحُجَجَ التي أودعها فيها تُعمي حججَ المخالفين له.

[وقال أبو علي الجُبَّاليُّ:] ووضع كتابًا لليهود، وكتابًا للنصارى على المسلمين، يحتجُّ لهم فيه على إثبات نبوَّة موسى وعيسى ، ويبطل ما سواهما.


(١) في (خ): وقال المحسن التنوخي كان، والمثبت من (ف م ١). والخبر في المنتظم ١٣/ ١٠٨ عن المحسن.
(٢) أخرجه أحمد (١١٠١١)، والبخاري (٤٤٧)، ومسلم (٢٩١٦) من حديث أبي سعيد الخدري .