للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحكى الخطيب (١) عن امرأة أبي عثمان قالت: كنَّا نؤخِّر اللعبَ والضحك حتى يدخل أبو عثمان في وِرْده.]

وقال أبو عمرو بن نُجَيد: اختلفتُ إلى أبي عثمان في حال شبابي، وكنت قد حَظِيت [عنده] (٢)، فاشتغلتُ عنه بما يشتغل به الفتيان، وانقطعتُ عنه، وكنتُ إذا رأيتُه في طريقٍ اختفيتُ منه، فلقيتُه يومًا في سكَّةٍ، فهربت منه، فناداني: يا أبا عمرو، لا تَثِقَنَّ بمودَّة مَن لا يحبَّك إلا مَعصومًا، إنَّما ينفعك أبو عثمان في مثل هذه الحالة، فتاب أبو عمرو ورجع إلى الإرادة.

[وقال الخطيب بإسناده عن محمد بن نعيم الضَّبيِّ قال: سمعت أمي تقول: سمعت] مريم امرأة أبي عثمان [تقول]: صادفتُ (٣) من أبي عثمان خلوةً فاغتنمتُها، فقلت: يا أبا عثمان، أيُّ عملك أرجى عندك؟ فقال: يا مريم، لما ترعرعتُ وأنا بالرَّي كانوا يريدونني على الزواج و [أنا] أمتنع، فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان، قد أحببتُك حبًّا أذهب نومي وقراري، وأنا أتوسَّل إليك بمقلب القلوب أن تتزوَّج بي، قلت: ألك والد؟ قالت: نعم، فلان الخيَّاط في موضع كذا وكذا، فأرسلتُ إليه أن يزوِّجَها منِّي، ففرح بذلك، وأحضر الشهود، فزوَّجني بها، فلمَّا دخلتُ بها وجدتُها عوراءَ عرجاءَ مشوَّهة الخَلْق، فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدَّرتَه لي، وكان أهلي يلومونني على ذلك فأزيدُها بِرًّا وإكرامًا؛ إلى أن صارت لا تَدَعْني أخرج من عندها، فتركتُ حضورَ المجالس إيثارًا لرضاها وحِفظًا لقلبها، وبقيتُ معها على هذه الحالة خمس عشرة سنةً، وكنتُ على الجَمْر من ذلك، لا أُبدي لها مِمَّا عندي شيئًا إلى أن ماتت، فما شيءٌ أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبها من جهتي.

[ذكر نبذة من كلامه:]

قال: منذ أربعين سنة (٤) ما أقامني الله في حالٍ فكَرِهتُه، ولا نَقَلني إلى غيره فتَسَخَّطْتُه.


(١) في تاريخه ١٠/ ١٤٥. وما بين معكوفين من (ف م ١).
(٢) هذه الزيادة من صفة الصفوة ٤/ ١٠٤.
(٣) في (خ): وقالت مريم امرأة أبي عثمان صادفت، والمثبت من (ف م ١)، وانظر تاريخ بغداد ١٠/ ١٤٥ - ١٤٦، والمنتظم ١٣/ ١٢٠.
(٤) في (ف م ١): وقال الخطيب حدثنا عبد الكريم بن هوازن قال سمعت أبا عثمان يقول: منذ أربعين سنة، =