للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمع بعض العوام يقول: والك، خذ إليك، أخذوا منَّا مُصحفًا، وأعطونا طُنبورًا، وبلغ ذلك المقتدر، فكان ذلك سببًا للإحسان إلى عليِّ بن عيسى، حتَّى أُطلِق من الحبس (١).

[قال ثابت بن سنان:] وكتب عن المقتدر إلى الأطراف كتبًا يخبرهم [فيها] بإعادةِ ابن الفرات إلى الوزارة بألفاظٍ أنشأها أبو الحسن محمد بن جعفر بن ثَوابة، منها: ولَمَّا لم يجد أميرُ المؤمنين بدًّا منه، ولم يكن للملك غنًى عنه، انتضاه من غِمده، فعاودَ ما عرف من حدِّه، [ودبَّر الأمور كأن لم يخلُ منها، وأمضاها كان لم يزل عنها، إذ كان] (٢) الحُوَّل القُلَّب (٣)، والمُحَنَّك المُجَرَّب، الدَّرِب الخبير بِدَرَّة المال كيف تُحلب، ووجوهه من أين تُطلب، وكان الكُتَّاب على اختلاف طبقاتهم، وتباينِ مقاديرهم، يحتكمون إليه إذا اختلفوا، ويقفون عنده إذا استبقوا، وكان هذا الأمر حقًّا من حقوقه، استعير منه، ثم رُدَّ إليه (٤). وكلامًا هذا معناه.

وقبضَ ابنُ الفرات على إبراهيم وعبيد الله ابني عيسى لَمَّا قبض على أخيهما عليِّ بن عيسى، فصادر إبراهيم على ستين ألف دينار، وعبيد الله على خمسين ألف دينار (٥)، من غير أن ينالهما بمكروه، ثمَّ صرفهُما إلى منازلهما، وصادر بعضَ أصحاب علي بن عيسى مصادرةً جميلة.

وفيها عصَى يوسفُ بن أبي السَّاج على المقتدر، واستولى على بلاد إرمينية وأَذْرَبيجان، فبعث إليه مؤنس الخادم، فظفر بيوسف فأخذهُ أسيرًا بعد حرب طويلة (٦).

[قال ثابت بن سنان:] وخرج أمر المقتدر إلى [أبي الحسن] ابن الفرات في أوَّل


(١) المنتظم ١٣/ ١٦٧.
(٢) ما بين حاصرتين من الفرج بعد الشدة ٢/ ٥١.
(٣) الحُوَّل القُلَّب: أي المحتال البصير بتقليب الأمور. انظر مختار الصحاح (حول)، (قلب).
(٤) انظر الفرج بعد الشدة ٢/ ٥١، وطبقات الأدباء ١٨/ ٩٧ - ٩٨.
(٥) في تكملة تاريخ الطبري ص ٢١٥: أن إبراهيم صودر على خمسين ألف دينار، وعبيد الله صودر على ستين ألف دينار.
(٦) من قوله: منها: ولما لم يجد أمير المؤمنين بدًّا … إلى هنا ليس في (ت) و (م ١).