للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتجاسر أحدٌ أنْ يذكِّره، فلما غابت ذَكَر فقال: ﴿إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ﴾ أي: الخيل ﴿عَنْ ذِكْرِ رَبِّي﴾ [ص: ٣٢] يعني الصلاة.

واختلفوا في معنى قوله ﴿ردوها عَلىَّ﴾ على قولين:

أحدهما: أنه أشار إلى الخيل، في قولِ عامَّة المفسرين.

والثاني: إلى الشمس، كأنه قال: يا ملائكة الله رُدُّوا الشمسَ عليَّ، أي: أمسكوها، وكانت قد غابت.

فإن قيل: فقد وقفت الشمس ليُوشَع بن نُون، وكان سليمان أعظمَ منه مُلكًا، فالجواب من وجوه:

أحدها: يوشع إنما سأل وقوفَ الشمس ليجاهد في سبيل الله، وسليمان كان مشغولًا بالزينة والنظر إلى الخيل لا لأجل الجهاد، وخاف يُوشَع دخول السبت، أما سليمان فلا.

والثاني: أن فتح أَريحا كان معجزة، لأنه شرع فيه وأتمَّه يُوشَع، وموسى أفضل منه، فكان وقوف الشمس من معجزات موسى.

والثالث: أنها بعد الغروب لا يمكن عودها لاختلاف الأفلاك، أما وقوفها فممكنٌ لأنها تسير قليلًا قليلًا.

وفي المراد (١) بالمسح قولان:

أحدهما: أنه ضَرَبها بالسيف، رواه أُبيُّ بن كعب عن رسول الله (٢).

والثاني: أنه كوى سوقها وأعناقها وحبسها في سبيل الله. حكاه الثعلبيُّ (٣).

والعلماء على الأول.

فإن قيل: فكيف جاز له ذلك، وعقوبة مَن لم يذنب على وجه التَّشفِّي من فعل


(١) من قوله: ومنها الغضبان … إلى هنا ليس في (ب).
(٢) رواه الطبراني في "الأوسط" (٦٩٩٣)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ١٠٠: فيه سعيد بن بشير وثقه شعبة وغيره وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات.
(٣) انظر تفسير الثعلبي ٨/ ٢٠١، و"عرائس المجالس" ص ٣٠٥.