للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحل في طلب الحديث إلى الأمصار البعيدة، وعُني به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفَّاظ والأئمة.

وكان حافظًا فقيهًا يقول: أنا أُجيبُ في ثلاث مئة ألف مسألة من حديث رسول الله ، وسكن بغداد وحدَّث بها، وكان عامةُ ما يرويه من حفظه.

وكان حريصًا على حفظ الحديث وروايته، يَسرُد الحديث من حفظه مثلَ تلاوة القرآن، وكان يقول: حدثنا فلان، وحدثنا فلان، وهو يحرِّك رأسَه حتى تسقط عمامتُه. وقال عمر بن أحمد الواعظ: قام الباغَندي يُصلِّي، فكبَّر ثم قال: حدثنا محمد بن سليمان، فسبحنا به، فقال: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ﴾.

وقد روى مثلَها ابنُ شاهين فقال: صلينا خلف الباغندي، فافتتح الصلاةَ ثم قال: حدثنا لُوَين، فقلنا: سبحان الله، فقال: حدثنا هلال، فقلنا: سبحان الله، فقال: حدثنا شَيبان بن فَروخ الأُبُلِّي، فقلنا: سبحان الله، فقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وقرأ الفاتحة.

توفي يوم الجمعة، ودُفن يوم السبت لعشر بقين من ذي الحجَّة.

سمع [محمد بن] عبد الله بن نُمَير (١)، وشَيبان بن فَرُّوخ، وابن المَديني، وخلقًا كثيرًا من أهل الشام ومصر والكوفة والبصرة وبغداد.

وروى عنه القاضي المَحامِلي، وابن مَخْلَد، وابن الصَّواف، ودَعْلَج بن أحمد، وخلقٌ كثير.

وقال الدارقطني: كان يُدلِّس ويحدِّث بما لم يَسمع، وربما سرق (٢).

وقال الخطيب: لم يثبُت من أمر الباغندي ما يُعاب به سوى التَّدليس، ورأيتُ كافَّة شيوخنا يحتجُّون بحديثه، ويُخرِّجونه في الصحيح.


(١) ما بين معكوفين من مصادر ترجمته، وهذه الترجمة والتي قبلها ليستا في (ف م ١).
(٢) سؤالات حمزة ٩١.