للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خُمَارويه بن أَحْمد بن طولون، وكنتُ أبتاعُ لهم الجوهرَ وغيره، وما كنتُ أفارق الدِّهليز، فخرجت إليَّ قَهْرَمانةٌ لهم في بعض الأيام ومعها عِقْدُ جوهرٍ، فيه مئة حبَّة لم أر قبله أحسن منه، تساوي كلُّ حبةٍ أَلْف دينار، فقالت: نحتاج تَخْرِط هذا حتَّى يَصْغُر، فأخذتُه [وقلتُ: السمعُ والطاعة]، وخرجتُ في الحال، فجمعتُ التجار، ولم أزل أشتري ما أقدر [عليه]، حتَّى حصَّلتُ مئةَ حبةٍ من النوع المطلوب، وأتيتُ بها إلى القهرمانة وقلتُ: قد خَرَطْنا اليوم ما قَدَرْنا عليه، والباقي نخرُطُه، وحملتُ إليهم مئتَي حبَّة وقلت: هذا تمامُه، وتُقُوِّم على ذلك بمئة أَلْف درهم.

وقال: نَكَبني المقتدر وحَبَسني، فأقمتُ مدةً، وأصبحتُ يومًا وأنا آَيَسُ ما كنتُ من الفَرج، فجاءني خادمٌ فقال: البشارة لي، قلتُ: وما الخبر؟ قال: شفعَت فيك السيدة وقالت: شيخٌ، وغريبٌ، وله خدمةٌ، وقد استأصَلْتَه، فما تريدُ منه؟! فشفَّعَها فيه.

قال: فلمَّا خرجتُ مررتُ بدار السيدة، فرأيتُ هناك أحمالًا من الخَيش في أعْدالٍ، مئةُ عِدْل، فعرفتُها (١)، وكانت قد أُخِذت في المصادرة ولم يعلموا ما فيها، وكان وكيلي قد بعث بها إليَّ من مصر، وجعل في باطن كلِّ خيشٍ ألفَ دينار كانت لي هناك، ولاستغنائي عن المال لم أفتح الأعدال، وألقيتُها في بيتٍ، فلمَّا نُكبت ونُقل جميعُ ما في داري أُخذت، فلما رأيتُها بحالها قلت للخادم: قَبِّل الأرضَ بين يدي السيدة وقيل لها: قد أحسنْتِ إليَّ، وقد خرجتُ من الحَبس كما ترين، وهذا الخَيش لا يُنتَفع به، فإن رأيتِ أن تُطلقيه لي لأبيعَ منه ما أُنفقُه عليَّ، فإنَّكم لا تنتفعون به، فأطلقَتْه، فأخذْتُه وفتحتُ الأعدال، وأخرجتُ من كلِّ خَيشٍ ألفَ دينار، وبعتُ الخيش.

قال المُحَسِّن: ولمَّا صُودِرَ كان في داره سبعُ مئة مُزَمَّلَة خَيزُران -فما ظنُّك بدار يكون فيها هذا- وبلغت مصادرتُه ستة آلاف أَلْف دينًار، غير المَتاع والأثاث والدَّواب والغِلمان (٢).


= وهذا النص فيه أخطاء، صوابه ما في المنتظم ١٣/ ٢٦٧، قال ابن الجوزي: أَنْبأنا محمَّد بن أبي طاهر البزَّاز، عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أَبيه قال: حَدَّثني أبو علي أَحْمد بن الحسين بن عبد الله الجصاص قال: قال لي أبي: كان بدء إكثاري، وانظر نشوار المحاضرة ٢/ ٣١٢.
(١) وقع في (م ١) خرم ينتهي في منتصف أحداث سنة (٣٢٠ هـ).
(٢) نشوار المحاضرة ١/ ٢٥، والمنتظم ١٣/ ٢٦٨.