للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلافة، ونهب من الخزائن والجواهر والكتب والأمتعة ما لا يُحصى، وجالت الخيلُ في المجالس والقصور، ونُهبت بغداد طول الليل.

ثم طلَبَ الرَّجالةُ من نازوك مال البيعة فلم يُعطهم شيئًا، فثاروا به، وقالوا للمقتدر: يَا منصور، وقصدوا نازوكًا، فدخل هو وغلامُه عجيب بيتًا في التِّسعيني بدار الخلافة لا مَنفذَ له، فدخل خلفه سعيد ومُظَفَّر من شُطَّار بغداد، فقتلوه وقتلوا غلامَه، وصلبوهما على دَقَلٍ، ونهبوا دورَه.

وقيل: إنَّ الرَّجالة تواطؤوا مع مؤنس على قتل نازوك؛ لأنَّه كان قد استولى على بغداد.

ثم دخل مؤنس على المقتدر وسلَّم عليه بالخلافة، وبايعه بيعةً جديدة، وفعل القوَّادُ والقضاة والخواصُّ ذلك، وركب المقتدرُ في طيَّار، ورآه النَّاسُ، فخاطَبَهم مُخاطبةً جميلةً، ووعدهم، وضَمِن لهم كلَّ ما أرادوا، فرضوا وسكنوا.

وقال محمود الأَصْبهانِيّ: لمَّا علم المقتدرُ أنَّهم خالِعوه صَرف العساكرَ عن بابه، وجمع أمَّه وخالتَه والقَهرمانة وحُرَمه في مكان، وجلس على سريره، ونشر المصحف بين يديه، وجعله في حِجْره وقال: أنا فاعل ما فعل عثمان بن عفان رضوان الله عليه، ولا أسلِّم حقًّا خَصَّني اللهُ به، ولا أنزعُ قميصًا ألبسني الحقُّ إياه، فلمَّا بلغهم سكنُوا.

ثم أصبح نازوك إلى مؤنس، فأخرجه كُرْهًا من داره وكان قد غلب عليه، واجتمع القوَّادُ وأبو الهيجاء، وأتَوا إلى دار الخلافة وهي مُغلقة، فأحرقوا بابَها، ودخلوها -وكانوا خمسين ألفًا ما بين فارسٍ وراجل- فنهبوها، وأخذ مؤنس المقتدرَ وأمَّه وأهلَه، وبعث بهم إلى داره، وبايعوا القاهر.

ثم ثارت الرَّجالة بعد يومين، وقتلوا نازوك وابنَ حمدان، قتلهما سعيد والمظفَّر، وأجلسوا المقتدرَ في الخلافة، فأحسن إلى الرَّجالة المصافية والفرسان وغيرهم، حتَّى نَفِدت الأموالُ من الخزائن، وبيعت الأمتعةُ والثيابُ والعقاراتُ والضياعُ، ودُفع الجميعُ إلى الجند.

وكان عليُّ بن عيسى إذا دخل على ابن مُقْلَة قام له، وأكرمَه، وأجلَسه معه في دَسْته،