سيفٌ مَسلول، فصَفَر لفرسه عند البيت فبال، وقتل جماعة، ثم ضرب الحَجَر الأسود بدَبُّوس فكسره وقلَعه.
وأقام القرمطيُّ بمكة أحد عشر يومًا، وبقي حول البيت ثلاثُ مئة جِيفَة، وقُتلَت جماعةٌ من الأعيان.
وقيل: إنه حُمِل إلى هَجَر فهَلَك تحته أربعون جَمَلًا، فلمَّا أُعيدَ إلى مكة حُمِل على قَعود هَزيل فَسَمِن، وكان بجكم التركي قد دفع فيه خمسين أَلْف دينار، فلم يَردُّوه وقالوا: أخذناه بأمر وما نردُّه إلَّا بأمر.
وقال عبد الله بن أَحْمد بن عَيَّاش القاضي: أخبرني بعضُ أصحابنا أنَّه كان بمكة، وأنَّ الذي ضرب الحَجَر وقلعه صاح: يَا حمير، أنتم قلتم: ومَن دخله كان آمنًا، فأين الأمنُ وقد فعلْنا ما فعلنا؟! فأخذْتُ بلجام فرسه، وتيقَّنتُ القتلَ، وقلتُ له: اسمع، إنَّ الله تعالى أراد: ومَن دخله فأَمِّنوه. وتوقَّعتُ أن يقتلَني، فلوى رأسَ فرسه وخرج ولم يكلِّمني.
وقد غلط السِّمْناني فقال في تاريخه (١): الذي قلع الحجرَ أبو سعيد الجَنَّابي، وحمله إلى الكوفة، وعلَّقه في الأُسْطُوانة السابعة ممَّا يلي صحنَ الجامع من الجانب الغربي، اعتقادًا منه أنَّه يَنقلُ الحجَّ إلى الكوفة.
قال: ثم قصد أبو سعيد نهرَ الملك في خمس مئة فارس، فجهَّز إليه المقتدرُ ابنَ أبي السَّاج في ثلاثين ألفًا، فتقاتلا وبينهما النَّهر، فاستقلَّ ابنُ أبي السَّاج عَسكرَ القرمطي، وأمره المقتدرُ بقطع الجسر فلم يفعل.
وكان ابنُ أبي الساج قبلَ ذلك بزمان قد نزل على أبي سعيد فأكرمه، فأرسل إليه يقول: لك عليَّ حق قديم، وأنت في قِلَّة وأنا في كثرة، والمَصلحة أن تَنصرفَ سالمًا.
فلمَّا دخل الرسول على القرمطي وأدَّى الرسالة قال له: كم مع صاحبك؟ قال: ثلاثون ألفًا، فقال: ما معه ولا ثلاثة، ثم دعا بعبدٍ أسود وقال له: خرِّق بَطْنَك بهذه السّكين، ففعل، وقال لآخر: غَرِّق نفسَك في هذا النهر، ففعل، وقال لآخر: اصعد على هذا الحائط وأَلْقِ نفسَك على رأسك، ففعل، ثم قال للرسول: إنْ كان معه مَن يفعل مثل هذا وإلا فما معه أحدٌ.
(١) نقله عنه الذهبي في تاريخ الإِسلام ٧/ ٢٢١، والسير ١٥/ ٣٢٢.