للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فما تقول في المَهدي؟ قلت: كان جَوادًا، سَمْحًا، عادلًا، مُنصِفًا، وكان يَحمل البِدَر معه فيفرِّقُها، ورَدَّ ما أخذ أبوه من أموال الناس غَصْبًا، وبالغ في إتلاف الزَّنادِقة، وأحرق كتبهم لما أظهروا من الاعتقادات الفاسدة، كابن دَيصان، وماني، وابن المُقَفَّع، وحَمَّاد عَجْرَد وغيرهم، وبنى المسجد الحَرام، ومسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس، وفعل وفعل.

قال: فالهادي؟ قلت: كان جَبَّارًا مُتكبِّرًا، فسلك عُمَّاله طريقه على قِصَر أيامه.

قال: فالرَّشيد؟ قلت: كان مواظبًا على الحجِّ والجهاد، وعَمَر القصور والبِرَك والمَصانع، وطريقَ مكة، وبنى الثُّغور والحُصون والمدن كأَذَنَة، وطَرَسُوس، والمَصِّيصَة، وعين زَرْبى، والحَدَث، ومَرْعَش وغيرها، وعمَّ الناسَ إحسانُه، وكان في أيامه البرامكة، وهو أول خليفة رمى النُّشَّاب في البُرْجاس (١)، ولعب الشِّطْرَنج من بني العباس، وكانت زوجتُه أمُّ جعفر بنت جعفر من أكمل النساء، أوقفت الأوقاف، وعَملت المَصانع والبِرَك، وعَمَرَت الحرمَين، وفعلت وفعلت.

قال: فالأمين؟ قلت: كان جَوادًا سَمْحًا، إلا أنَّه انْهَمَك في لذَّاته ففسدت عليه الأمور.

قال: فالمأمون؟ قلت: غلَب [عليه] الفضل بن سَهْل فاشتغل بالنجوم، فلمَّا قدم العراق من خراسان اشتغل عن ذلك، وجالس العلماء والفقهاء والأدباء، وكان أحْلَمَ الناس، جَوادًا، سَمْحًا.

قال: فالمُعْتَصم؟ قلت: سَلَك طريقَه، وغَلب عليه حبُّ الفروسية، والتشبُّه بملوك الأعاجم، واشتغل بالغَزْو والفتوح.

قال: فالواثق؟ قلت: سلك طريقَةَ أبيه.

قال: فالمُتوكّل؟ قلت: خالف ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الاعتقادات، ونهى عن الجِدال والمُناظرات في الأهواء، وعاقب عليها، وأمر بقراءة الحديث وسماعه، ونهى عن القول بخَلْق القرآن، فحَسُنَت أيامُه، وأحبَّه الناس.


(١) كلمة يونانية معناها: رمح أو سارية في أعلاه كرة من ذهب أو فضة، يرميها الحُذَّاق وهم على الجياد. المعجم الوسيط.