للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي بن عيسى: هذا شيءٌ لم يُفعل قبلَ اليوم مع أحدٍ من الخُلفاء، فلم يقبل، وكتب ثلاث نُسخ قُرئت يوم الجمعة على المنابر بجامع القصر والرُّصافة ومدينة المنصور، وصُودر عيسى المتطبِّب على مئتي ألف دينار، منها عشرون ألف دينار، ومئةٌ وخمسون ألف درهم، وألف مِثقال عَنْبر اعترف بها عيسى.

واستحجب الراضي من أصحاب المناطق أربعَ مئة وثمانين حاجبًا، وقدَّم على جميع القواد والأمراء محمد بن رائق.

وفيها قُتل مرداويج مُقدَّم الدَّيْلَم بأصبهان، وكان قد عَظُمَ أمرُه، وتحدَّث الناس أنَّه يريد قَصْدَ بغداد، وأنَّه مُسالِمٌ لصاحب البحرين، ثم إنَّه أساء السيرةَ في أصحابه وخصوصًا الأتراك، فتواطؤوا على قتله، وكان رئيسهم قائدًا يقال له: بَجْكم، فقتلوه في حمَّام، ويقال: إنَّ ياقوت كاتبهم فيه.

وفيها بعث عليُّ بن بُوَيه إلى الراضي يُقاطِعُه على البلاد التي استولى عليها فارس وغيرها، على أنَّه يَحمل إليه في كل سنة ثمان مئة ألف ألف درهم (١) خارجًا عن المُؤَن والنَّفَقات، فأجابه إلى ذلك، وبعث له لِواءً وخِلَعًا مع حَرْب بن إبراهيم (٢) المالكي الكاتب، وقال له ابن مُقْلَة: لا تُسلِّم الخِلَع واللواء إليه حتى يُسلِّم إليك المال.

فلمَّا وصل إلى شِيراز تلقَّاه علي بن بُوَيه على بعدٍ، وطالبه بتسليم الخِلَع واللواء، فقال: رُسِم لي أن لا أُسلِّمَها إلا بعد تسليم المال، فتَهدَّده، وأخذ ذلك منه كَرْهًا، ولبس الخِلَع ودخل شيراز، وأقام المالكي عنده مدةً يَعِدُه ويُمنِّيه، فاعتلَّ ومات، وحُمِل في تابوت إلى بغداد.

وفيها أخرج الراضي مَن كان في دار الخليفة من إخوته إلى منازلهم التي كانت لهم في أيام المقتدر، بعد أن أحضَرَ القُضاةَ والشهودَ والقوَّاد والخاصَّة والعامَّة، فرأَوهم سالمين في غاية الصِّحَّة.


(١) في تكملة الطبري ٢٩٢، والمنتظم ١٣/ ٣٤٢: ثمانية آلاف درهم، وفي الكامل ٨/ ٢٧٧: ألف ألف درهم، وفي تاريخ الإسلام ٧/ ٤١١، والنجوم الزاهرة ٣/ ٢٤٦: ثمانية آلاف ألف درهم.
(٢) كذا ورد هنا وفي النجوم الزاهرة ٣/ ٢٤٦، وفي تكملة الطبري ٢٩٢: وأنفذ إليه ابنُ مقلة أبا الحسين بن إبراهيم.