للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يضرب به أبا سعيد، فصاح بغلمانه فدخلوا، فضربوا خطلج بالدَّبابيس في رأسه فدوَّخوه، وحُمل إلى داره فمات بعد يومين، فبادر الخيَّاط إلى علي بن بويه فأخبره، فلما توَحَّش من أبي سعيد (١)، ولم يزل الخيَّاطُ يُغريه به حتى دخل على أبي سعيد جماعةٌ من الأتراك فقتلوه، واستكتب ابنُ بُوَيه الخيَّاطَ.

وفيها قُتل هارون بن غَريب الخال، كان مُقيمًا بالدِّينَوَر، وإليه أعمال ماسَبَذَان ومِهْرِجان وحُلْوان، فلمَّا ولي الراضي كاتب قوَّاد بغداد بأنَّه أحقُّ بالحضرة ورئاسة الجيش، فأجابوه، وسار إلى بغداد في جمادى الآخرة فبقي بينه وبينها عشرة فَراسخ، فعَظُم ذلك على ابن مُقْلَة ومحمد بن ياقوت والحُجَرية والسَّاجية، وخاطبوا الراضي، فعَرَّفَهم كراهيَّتَه له، وأمرهم بمُمانعته ومحاربته إن احتيج إلى ذلك، فبعث ابن مُقْلَة إليه بأن يَرجع، فقال: قد اجتمع إليَّ رجالٌ لا يَكفيهم عَملي.

فأرسل إليه الراضي والوزيرُ وابن ياقوت القَراريطيَّ بأنَّهم قد قلَّدوه أعمال طريق خُراسان، فقال للقراريطي: إنَّ رجالي لا يَقْنَعون بهذا، ومَن أحقُّ منِّي بخدمة أمير المؤمنين؟ ولي قَرابةٌ، وابنُ ياقوت غلامٌ بنُ غلام، وقد كان بالأمس يقعد بين يديَّ ويمتثل أمري، فقال له: لو كنتَ تُراعي ما بينك وبين أمير المؤمنين ما عصيتَه (٢)، فأغْلَظ له، وقام من عنده وأدَّى الرسالةَ إلى الوزير.

وشرع هارون في جِباية أموال طريق خُراسان، وقَويَت شوكتُه، وشَخَص إليه معظم مَن كان ببغداد من الجيش، ونزل النَّهْرُبِين، فبعث إليه محمد بن ياقوت أبا جعفر بن شيرزاد رسالةً ثالثةً يتلطَّف به، ويزيده في الرجال والبلاد، فلم يَلتفت، ووقعت طلائعُه على طلائع ابن ياقوت فظَهر عليها، ثم تقدَّم إلى القَنْطَرة التي على النَّهْرَوان (٣)، واشتبكت الحرب، فعبر هارون القَنْطَرة، وانفرد عن أصحابه على شاطئ النهر وهو يظنُّ أنَّه يَظفر بمحمد بن ياقوت فيقتله، فتَقَنْطَر به فرسُه (٤) فوقع، فبادره يُمْن غلام ابن ياقوت فضربه على رأسه، وبادره


(١) كذا (؟!).
(٢) في تاريخ الإسلام ٧/ ٤١٧: ولو كنت تراعي أمير المؤمنين ما عصيته.
(٣) وكذا في تاريخ الإسلام ٧/ ٤١٤، والذي في أخبار الراضي ٧، وتكملة الطبري ٢٨٧، والكامل ٨/ ٢٨٨: قنطرة نَهْرُبِين.
(٤) يعني كبا فسقط عن ظهره إلى قُدَّامه. تكملة المعاجم ٨/ ٣٩٧.