واتَّفق أنَّ الخَصيبي استتر في ذلك اليوم، وبقي ابن مقلة مُرَفَّهًا ليس أحدٌ يُطالبه، وكُفِيَ أمرَ عدوِّه من حيث لا يَحتسب، وطابَت نفسُه، وحضر أبو بكر بن قَرابة، وضَمِن ما عليه وتسلَّمه، وقد كان أدَّى نيِّفًا وخمسين ألف دينار بعد أن أشهد عليه العُدولَ أنَّه قد باع ضِياعَه وأسبابَه من السلطان.
وفي يوم الخميس لأربعٍ بقين من جُمادى الأولى قبض الراضي على المُظَفَّر بن ياقوت، وحبَسه، وهَدم دارَه، ثم أطلقه يوم الخميس لثلاثٍ خلَون من جُمادى الآخرة، وأَحْدَره إلى أبيه.
وفي جمادى الآخرة عَزل بدرًا الخَرْشَني من شرطة بغداد، وقلَّدها كاجو من السَّاجِيَّة، وتقلَّد سخرباس الجانبَ الشَّرقي وهو من الحُجَرِيَّة (١)، وإنَّما فعل الراضي ذلك تطييبًا لقلوب الفريقين؛ لما جرى من بدر الخَرْشَني، وقَلَّد بدرًا الخَرْشني أعمال أصبهان وفارس وخَلَع عليه؛ لأنَّ الحُجَريّة والسَّاجية كرهوا مُقامَه بالحَضْرة، ثم توقَّف حالُه.
وعجز الوزيرُ عبد الرحمن بن عيسى عن النَّفَقات، وضاق المال، فاستعفى من الوزارة، فقبض عليه الراضي يوم الإثنين لسبع خلَون من رجب.
ذكر وزارة أبي جعفر الكَرْخِيّ:
لمَّا قبض الراضي على عبد الرحمن قبض على أخيه علي بن عيسى، واعتُقِلا في دار الخليفة، وأحضر الكَرْخي، وخَلَع عليه واستوزره، وسلَّم الراضي عبدَ الرحمن وعلي بنَ عيسى إلى الكَرْخي، فصادَرَهما مُصادَرَةً جميلة، وكانا عنده مُكرَّمَين، وأدَّى كلُّ واحدٍ منهما سبعين ألف دينار، وانصرفا إلى منازلهما.
وفي يوم الخميس لستٍّ خلَون من رمضان قُتِل ياقوت بعسكر مُكْرَم، فأراد الحُجَرية قتلَ أبي الحسين البَريدي ببغداد، وكان يَخْلُف أخاه [في الكتابة لياقوت]، فاختفى، وانحدر سرًّا إلى أخيه إلى الأهواز.
وكان ياقوت قد سار بقَضِّه وقَضِيضِه لحرب علي بن بُوَيه، فالتقيا بباب أرَّجان، فهزمه ابن بويه، فعاد إلى الأهواز، وتواترت الأخبار بأنَّ ابن بُوَيه وافى إلى رامَهُرْمُز