كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان

السنة الرابعة والعشرون وثلاث مئة - عبد الله بن محمد - ج: 17 - ص: 121

وقال أبو عبد الله بن بَطَّة: [كنا نحضر] في مجلس أبي بكر النيسابوري، وكان يُحْزَر في مَجلسه ثلاثون ألف مِحْبَرة، ومضى على هذا مدَّة يسيرة، ثم حَضَرْنا مجلس أبي بكر النَّجَّاد، وكان يُحْزَر في مَجلسه عشرة آلاف مِحْبَرة، فعجَّب الناس من ذلك فقالوا: في مثل هذه المدة ذهب ثُلُثا الناس (١).

وقال الدارقطني: كنَّا يومًا ببغداد نتذاكر، في المجلس جماعة من الحُفَّاظ، فقال رجل من الفقهاء: مَن روى عن النبي ﷺ في حديث: "وجُعِلَت لي الأرضُ مَسجدًا، وجُعِلَت تُرْبَتُها لنا طَهورًا"؛ قالوا: رواه فلان وفلان، فقال: أريد هذه اللفظة: "وتُربَتُها طَهورًا" فقالوا: ما لنا إلا أبو بكر النَّيسابوري.

فقاموا إليه بأجمعهم، وسألوه عنها فقال: نعم، حدثنا فلان، عن فلان، وذكره.

قال الخطيب: وقد أخرج مسلم هذه اللفظةَ (٢)، والحديث رواه أبو عَوانة، عن أبي مالك الأشْجَعي، عن رِبْعي بن حِراش، عن حُذَيفة بن اليَمان، وتفرَّد أبو عوانة بهذه اللفظة (٣).

[قال الخطيب:] مات أبو بكر في ربيع الأول أو الآخر ببغداد، ودُفن بباب الكوفة.

---

(١) المنتظم ١٣/ ٣٦٤.
(٢) في صحيحه (٥٢٢) من حديث حذيفة بن اليمان ﵁.
(٣) تاريخ بغداد ١١/ ٣٤٠ - ٣٤١، وهذا الخبر ليس في (ف م ١).
أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأخرج الحديث من طريقه: الطيالسي في مسنده (٤١٨)، والنسائي في السنن الكبرى (٧٩٦٨)، والبزار في مسنده (٢٨٣٦)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٤٤٩٠)، وابن حبان في صحيحه (١٦٩٧)، وأبو عوانة الإسفراييني في مسنده ١/ ٣٠٣، والدارقطني (٦٦٩)، والبيهقي في سننهما ١/ ٢١٣ عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة ﵁.
وقول الخطيب: تفرّد بها أبو عوانة؛ غير مسلَّم له، فقد أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٦٧٤) و (٣٢٣٠٦)، ومسلم (٥٢٢)، والبزار (٢٨٤٥)، وابن خزيمة في صحيحه (٢٦٤)، والطحاوي (١٠٢٤)، وابن حبان (٦٤٠٠)، والبيهقي ١/ ٢١٣ من طريق محمد بن فضيل بن غزوان. وأحمد في مسنده (٢٣٢٥١)، وابن خزيمة (٢٦٤) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير. ومسلم (٥٢٢) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. والدارقطني (٦٧٠) من طريق سعيد بن مسلمة؛ أربعتهم عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة ﵁، وفيه هذه اللفظة.