للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعث إليه الراضي بالخِلَع، فما حَمل المال، ولا جهَّز الجيش إلى فارس.

وكان أبو الحسن البريدي ببغداد، فجهَّزه ابنُ رائق إلى أخيه أبي عبد الله.

وفيها عاد الراضي إلى بغداد بعد أن ضَمِن البريدي البلاد، وقلَّد ابنُ رائق بَجْكَم التُّركي الشرطة ببغداد، وخرج مَن بقي من الحُجَرية من بغداد إلى الأهواز، فقبلهم البريدي، وأجرى أرزاقَهم، وأحسن إليهم، ورثى لهم ممَّا جرى عليهم.

وقد دَخِلَ الرَّاضي (١) وضاق ما بيده؛ لأنَّ الأهواز والبصرة في يد البريدي، وفارس في يد علي بن بُوَيه، وكِرْمان في يد أبي علي محمد بن إلياس، والرَّيِّ وأصبَهان والجَبَل في يد الحسن بن بُوَيه، والمَوْصِل وديار ربيعة وبكر في يد بني حَمْدان، والشّام ومصر في يد محمد بن طُغْج، والمغرب وإفريقية في يد أبي تميم مَعَدّ، وصاروا مثل ملوك الطَّوائف، ولم يَبْق بيد الراضي غير بغداد والسَّواد، وليس في هؤلاء المُتَغَلِّبين مَن يطيع الآخر، بل يَخافُه ويَحْتَرِز منه، ونَقَص قدرُ الخلافة، وضَعُف أمرُ الملك، وعمَّ الخراب.

وفيها ظهرت الوَحْشَةُ بين محمد بن رائق وبين أبي عبد الله البريدي، ووافى أبو طاهر القِرْمِطي الكوفة، فدخلها في ربيع الآخر، فخرج ابن رائق من بغداد في جمادى الأولى، فنزل في بستان ابنِ أبي الشَّوارِب بقَنْطرة الياسِرِيّة، وأنفذ أبا بكر محمد بن علي بن مُقاتل رسالةً إلى الهَجَريّ، وكان الهَجَري يَطلب من الخليفة مالًا وطعامًا في كلّ سنةٍ بنحو من مئة وعشرين ألف دينار ليُقيمَ في بلده، وتردَّدت الرسائلُ بينهما، ولم يَتَقرَّر شيء، وسار الهَجَري إلى بلده، وعدل ابن رائق إلى واسط، وكاشف بني البَريدي (٢).

وفيها استوزر الراضي أبا الفتح الفضل بن جعفر بن الفُرات بمَشورة ابن رائق، وكان ابن الفرات بالشام، فأرسل وراءه فحضر، فقلَّده الوزارةَ في شوال.


(١) يعني فسد أمره، انظر تكملة الطبري ٣٠٧، والمنتظم ١٣/ ٣٦٦، وتاريخ الإسلام ٧/ ٤٢٣.
(٢) في تكملة الطبري ٣٠٧: وسار ابن رائق إلى واسط، وقد جاهر البريدي بالخلاف.