للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء بَجْكَم وأصحابه إلى جسر تُسْتَر -وقد شَحنه البريدي بثلاثة آلاف- فخاض بَجكم الماء سباحةً، فانهزم أصحابُ البريدي بغير حَرْبٍ، وعادوا إليه، فخرج للوقت ومعه أخواه في طيَّار، وحملوا معهم ثلاث مئة ألف دينار كانت في خزانته، فبينا هم كذلك إذ غرق الطيَّارُ وهم فيه بمكان يقال له: الهِنْدُوان (١)، فأخرجهم الغوَّاصون، وأُخرِج لبجكم بعض المال، ووافَوه بالبصرة، ودخل بجكم الأهواز، وكتب إلى ابن رائق بالفتح.

ودخل البريديون البصرة، ونزلوا الدُّور واطمأنُّوا وكانوا ثلاثة.

وشَغَب أصحاب بدر الخَرْشَني عليه، فانصرف إلى واسِط، وبقي بجكم بالأهواز.

وسار ابن رائق بنفسه إلى البصرة يوم السبت للنصف من شوال على الظَّهْر، وكتب إلى بدر أن يوافيه في الماء، وإلى بجكم أن يوافيه، وسار بدر فملك كَلأ البَصْرة (٢)، فهرب البريدي إلى جزيرة أُوال، ووافاه بَجْكَم.

وسار ابن رائق وبدر وبجكم نحو البصرة ليدخلوها، فخرج إليهم أهلُها فقاتلوهم، فرأى بَجكم أمرًا عظيمًا، فقال لابن رائق: ما الَّذي فعلتَ بهؤلاء حتَّى أحوجهم إلى ما ترى؟!

ومضى البريدي إلى فارس، واستجار بالأمير علي بن بُوَيه فأجاره، وأنفَذَ معه أخاه أبا الحسين لفتح الأهواز، وبلغ ابن رائق ذلك فقال لبجكم: اذهب إلى الأهواز فاحفَظْها، فقال بجكم: لستُ أحاربُ الدَّيلَم وأدفعُهم عن الأهواز إلا بعد أن تَحصلَ لي إمارتُها وخَراجُها، فقال ابن رائق: أنا أُضمِّنُك إياها بمئة وثلاثين ألف دينار مَحمولة في السنة، بعد أن تقومَ بنفقات الجُند والمُؤَن، فقال: رضيتُ.

وأقام أهل البصرة على عِصيان ابن رائق، ومالوا إلى البريدي لسوء معاملته، وكان قد حَلَف أنَّه إنْ تمكَّن منهم أحرَق البصرة وجعلَها رَمادًا، فازداد غيظُهم عليه.


(١) كذا في (خ) وأصل تكملة الطبري ٣٠٩، وهو الصواب إن شاء الله، وفي مطبوع تكملة الطبري نقلًا عن تجارب الأمم ١/ ٣٧١ كما ذكر محققه: النهروان.
(٢) كل مكان تُرفأ فيه السفن وهو ساحل كل نهر؛ يسمى كلأ، وفي الكامل ٨/ ٣٣٦: الكلّاء، دون إضافة، وهو اسم محلة مشهورة. انظر معجم البلدان ٤/ ٤٧٢.