به، قال: قل ما تحبُّ، فقلتُ: قد علمتَ ما كان عليه الأمير من تقليدي الأهوازَ، وقد توقَّف، ولستُ أدري سببَ تَوَقُّفه، وفي إبطال ما كان عَزم عليه بعد إشهاره غضٌّ مني، وإبطالٌ لجاهي، وأنا صنيعتُه وصنيعتُك، وإنْ لم أحْظَ في أيَّامكما فمتى أحظى؛ وأيّ قَدْرٍ يكونُ لي عند الناس؟ وهذه عشرة آلاف دينار قد حملتُها إلى خزانتك، وأُريد منك أنْ تُشير عليه بإمضاء ما كان قد تقرَّر، فإنَّه ما يُخالفك، قال: فلمَّا رأى الدنانير انْحَلَّ وقال: اذهب في دَعَة الله، ودَعْني على ما أعمل، وانصرفنا.
فلمَّا كان بعد ثلاثة أيام قال ابن مُقاتل لابن رائق: إنِّي قد فكَّرتُ في أمر بَجْكم فوجدتُ الصَّوابَ معك، لأنَّك متى تركتَ الأهواز في يد بني البريدي لم يَقنعوا بها، ومَدُّوا أيديَهم إلى غيرها من أعمالك، وفازوا بالمال، وأفسدوا قلوبَ أصحابك بالعطاء فصاروا إليهم، فإن بعثتَ إليهم الجيوش أفسدوهم، وإن خرجتَ بنفسك خاطرتَ بها، وما تدري ما يكون، وليس لهم مثل بجكم، لأنَّهم لا يَطمعون في مُقاومته، ويخافون من شَوكَته، فأمْضِ أمرَه، فإن أطاع وإلا فأنت مالكُ أمرك، متى شئتَ استبدلْتَ به.
فقبل رأيَه، وقلَّدني الأهواز، فباع ابنُ مُقاتل روحَه وروحَ صاحبه ونعمتَه بعشرة آلاف دينار، وتعوَّضَت الدنانير أضعافَها، وحصل لي مُلكُ ابنِ رائق.
وفيها ولَّى محمد بن طُغْج بُدَيرًا مولاه إمرةَ دمشق، فأقام بها إلى سنة سبع وعشرين وثلاث مئة، فقدم محمد بن رائق إلى دمشق فأقام بها، وزعم أنَّ المُتَّقي ولَّاه إياها، وأخرج بُدَيرًا عنها، ثم وليها بُدَير بعد ذلك من قبل كافور الإخشيدي، ثم قُبِض على بُدَير في سنة سبع وثلاثين.
وأما البريديون فهم ثلاثة: أبو عبد الله وأبو الحسين وأبو يوسف، كان أبوهم كاتبًا على البَريد بالبصرة، فغَلَبوا على الأهواز والبصرة، وجرت لهم قصصٌ، ثم اختلفوا فتمزَّقوا كلَّ مُمزَّق.
وفيها سار علي بنُ عبد الله بن حَمْدان إلى مصر، فتغلَّب عليها لمَّا خرج منها بدر الخَرْشَني، ولم يحجَّ في هذه السنة أحدٌ.