للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: ما دام لأعْراض الكون عندك خَطَر، فلا خَطَرَ لك عند الله.

وقال: القُدرةُ ظاهرةٌ، والأعين مفتوحة؛ غير أن البَصائر ضعيفةٌ.

وقال: سافرتُ ثلاثين سنةً أُصلح قلوبَ الناس للفقراء.

وسأله سائلٌ فقال: هل يُطيقُ المُحِبُّ كِتْمانَ مَحَبَّته؟ فقال: [من الطويل]

ظَفِرْتُم بكِتْمان اللِّسان فمَن لكم … بكِتمانِ عَينٍ دَمْعُها الدَّهرَ يَذْرِفُ

حَملْتُم جبال الحُبِّ فوقي وإنَّني … لَأَعْجَزُ عن حَمْل القميص وأَضْعُفُ (١)

[ذكر حكاية الفقير والجندي:

ذكر في "المناقب": قال إبراهيم: حدثني الدَّرَّاج قال: خرجتُ أنا وابن الحَنوطي (٢) إلى الأُبُلَّة، وكانت ليلةً مُقْمرةً، فبينما نحن نسير على شاطئ الأُبُلَّة وإذا بقصرٍ لجنديٍّ، وفيه جاريةٌ تضرب بالعود وتقول (٣): [مجزوء الرمل]

في سبيل الله وُدٌّ … كان منِّي لك يُبْذَل

كلَّ يوم تتَلَوَّن … غيرُ هذا بك أجْمَل

قال: وفي ظلِّ القصر فقيرٌ عليه خِرْقتان، فصاح: يا جارية، بالله عيديه، فهذا حالي مع مولاي، فقال لها مولاها: أَقبلي على الفقير وأعيديه، والفقير يصيح ويبكي إلى أنْ وقع مغشيًّا عليه، فحرَّكناه وإذا به ميِّت، فنزل صاحب القصر، فاغتممنا وقلنا: هذا يكفنه من غير وجهه، ثم صعد الجندي القصر، فكسر كلَّ ما كان بين يديه، فقلنا ما بعد هذا إلا الخير.


(١) سياق كلام القصار في (م ١): حكى السلمي عنه أنَّه قال: المعرفة إثبات الرب سبحانه خارجًا عن كل موهوم، قال: وقال الأبصار … قال: وقال: الكفايات تصل إليك … قال: وقال: أضعف الخلق … من قوي على ردها، قلت: وقد حكى عنه صاحب "مناقب الأبرار" أكثر مما حكى السلمي قال: سئل القصار عن التوكل فقال: السكون … قال وقال: المعرفة إثبات الرب ألا ترى إلى قوله … قال: وقال: ما دام الأعراض … وذكر أيضًا ما ذكره السلمي من قوله: القدرة ظاهرة … قال: وقال: سافرت … قال: وسأله سائل … القميص وأضعف. اهـ.
قلت: وما ذكر في (م ١) من أن صاحب مناقب الأبرار -وهو ابن خميس- نقله عن القصار، إنما نقله قبله السلمي في طبقاته عنه، ولم يتفرد بنقله ابن خميس.
(٢) كذا في (م ١) وهذا الخبر منها، وليس في (خ ف)، وفي مناقب الأبرار ٢/ ١٠: وابن الغوظي (؟!) وذكره ابن قدامة في التوابين ٢٥٣ من طريق محمد بن داود الدينوري، عن أبي إسحاق الهروي قال: كنت مع ابن الخيوطي بالبصرة، وذكره كذلك ابن الجوزي في صفة الصفوة ٤/ ٥٢ عن أبي إسحاق الهروي قال: كنت مع ابن الخروطي.
(٣) من قوله: باسم الأب والابن وروح القدس … إلى هنا وقع خرم في (ف).