للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم جئتُ فلقيتُ أمير المؤمنين وهو خارج إلى صِفِّين، وقد أُسرجت له بَغْلةٌ، فجئتُ فأمسكتُ الرّكاب ليَرْكبَ، وانكببتُ لأُقبْل فَخِذه، فنَفَحَني الرِّكاب، فشَجَّني في وجهي [شَجَّةً]. قال المفيد: وأنا رأيتُ الشَّجَّةَ في وجهه واضحةً.

قال: ثم سألني عن خَبَري، فأخبرتُه بقصة العين ووفاة أبي، فقال: تلك عينٌ ما شرب منها إلا مَن عُمِّر طويلًا، فأَبْشِر فإنَّك تُعَمَّر، ما كنتَ تجدها بعد شربك منها.

قال المفيد: فسألناه فحدَّثنا عن علي بأحاديث؛ خمسة عشر حديثًا.

[قال:] وكان معه شيوخ من أهل بلده، فسألتُهم عنه فقالوا: هو مشهورٌ عندنا بطول العُمر، حدثنا بذلك آباؤنا عن آبائهم عن أجدادهم، وأنَّ قوله في لُقِيّه لعلي [بن أبي طالب] معلوم عندهم أنَّه كذلك. [وهذه رواية الخطيب (١).

وروى الخطيب أيضًا عن الأشج أنَّه دخل بغداد، فقال:] (٢) حدثنا أبو القاسم عُبيد (٣) الله بن أحمد الرَّقِّي، حدثنا يوسف بن أحمد بن محمد البغداديّ؛ وكان شاهدًا بالرَّقَّة فقلتُ له: إنَّ المفيد حَدَّث عن الأشَجِّ، عن علي بن أبي طالب؟ فقال: إنَّ الأشجَّ دخل بغداد بعد سنة ثلاث مئة بسنين، فنزل (٤) دارَ إسحاق، فاجتمع عليه الناس وضايقوه، وكنتُ حاضرًا، فقال: لا تُؤذوني، فإنِّي سمعتُ علي بن أبي طالب يقول: قال رسول الله : "كلُّ مُؤْذٍ في النار" (٥).

قال: وحدَّث ببغداد خمسةَ أحاديث، حفظتُ مثها ثلاثة هذا أحدُها، وما علمتُ أنَّ أحدًا من أهل بغداد كتب (٦) عنه حرفًا [واحدًا]، ولم يكن عندي بالثقة، وعلماء النَّقْل لا يُثبتون قولَه، ولا يُصدِّقون خبرَه. [وهذه روايات الخطيب.


(١) في تاريخه ١٣/ ١٨٤ - ١٨٥.
(٢) ما بين معكوفين من (م ف م ١)، وجاء بدله في (خ): وقال الخطيب. والخبر في تاريخ بغداد ١٣/ ١٨٦.
(٣) في النسخ: عبد الله، وهو خطأ. والمثبت من تاريخ بغداد، ونقلته عنه سائر المصادر.
(٤) في (م ف م ١): دخل بغداد سنة ثلاث مئة فنزل، والمثبت من (خ).
(٥) أخرجه من طريق الخطيب هذه: ابن عساكر ٤٥/ ٢١٤، وابن الجوزي في المنتظم ١٣/ ٣٨٠، وفي العلل المتناهية (١٢٥١).
(٦) في (م ف م ١): وما علمت أحدًا ببغداد كتب.