للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى عنه ابن عساكر حكايةً أسندها قال: كان في زمن عمر بن الخطاب شابٌّ مُتَعبِّدٌ، قد لزم المسجد، وكان عمر مُعْجَبًا به، وكان له أبٌ شيخ كبير، وكان إذا صلى العتمة انصرف إلى أبيه، وكان على طريقه امرأة، فافتُتِنت به، فكانت تتعرَّضُ له، فما زالت تُغويه حتى تَبِعها ليلةً، فلمَّا أتت باب بيتها دخلت، فذهب ليدخل خلفها فذكر الله، ومرَّت على لسانه ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيطَانِ تَذَكَّرُوا﴾ الآية [الأعراف: ٢٠١] فوقع مَغْشيًّا عليه على بابها، فتعاونت المرأة وجاريتها عليه، فحَملاه إلى باب بيته، وخرج أبوه فرآه، فلمَّا أفاق سأله عن حاله فأخبره، فلمَّا أفاق قال: يا أبت، تذكَّرتُ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيطَانِ تَذَكَّرُوا﴾ ثم غُشي عليه مرةً ثانية، فحرَّكوه فإذا به مَيِّت.

وبلغ عمر رضوان الله عليه، فجاء إلى أبيه يُعزِّيه وقال: هلَّا آذَنْتَني به، فقال: يا أمير المؤمنين كان الليل، فذهب عمر إلى قبره ومعه أبوه، فناداه: يا فلان ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)[الرحمن: ٤٦] فأجابه الفتى من القبر: يا عمر، قد أعطانيهما ربِّي في الجنة مرَّتين (١).


(١) بعدها في (م ١ ف): والحمد لله وحده وصلى الله على أشرف خلقه محمد وآله وصحبه وسلم.