للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدًا، فقلتُ: وأين الشخصُ الَّذي كان عندك، ما رأيتُه خرج من الباب؟! فقال: مثل هذا لا يخرجُ من باب، قلتُ: لعلَّه الخَضِر؟ قال: نعم، فبكيتُ وقلتُ: يا ليتَني سلَّمتُ عليه وسألتُه الدعاء.

ومضت مدةٌ وفُتح على الشيخ بشيء فقال: خُذه واذهب إلى أَذَنَة، واشتر لنا حوائجَ سمَّاها، فمضيتُ إلى أَذَنَة، واشتريتُ الحوائج، وحملتُها على ظهري في كساء، فتعبتُ، فجلستُ أستريح، وبيني وبين التِّينات ستةُ أميال، فوقف عليَّ شخصٌ وسلَّم علي وقال: يا أخي قد تعبتَ، فناولني لأحملَ عنك، فناولتُه، فحمله إلى قريب التينات وقال: الله معك، وسَلِّم على الشيخ عنِّي، قلتُ: من أقول؟ قال: هو يعرف، فلمَّا دخلتُ على أبي الخير قال: يا إبراهيم: أما استحيَيتَ حَمَّلْتَ الرجل ستة أميال، فما [حسدتك، و] (١) قد غَبَطْتني على كلامه واجتماعه بي، فقلتُ: الخضر هو؟ قال: نعم، فبكيتُ، فقال: تبكي إن لقيتَه وإن لم تلقَه؟!

وقال أبو عبد الرَّحمن السُّلَمي (٢): قال أبو الخير: دخلتُ مدينة النبي ولي خمسةُ أيام لم آكل شيئًا، فتقدَّمُت إلى القبر، وسلَّمتُ عليه وقلتُ: يا رسول الله أنا ضيفك الليلة (٣)، ونمتُ فرأيتُه في المنام، فناولني رغيفًا، فأكلتُ نصفَه، ثم انتبهتُ وفي يدي النصفُ الآخر.

[وحكى عنه ابن باكويه] قال: أقمتُ بمكة سنةً فأصابتني فاقةٌ، فلما أردتُ الخروجَ إلى المسألة هتف بي هاتفٌ: أما تستحي، الوجهُ الَّذي تبذُلُه لي تبذله لغيري؟!

وقال الأنصاري: دخلتُ (٤) على أبي الخير، فناولني تفاحتين وقال: أنا أعلمُ أنَّك ما تحمل مَعلومًا، ولكن احمل هذه، فجعلتهما في جيبي وقلتُ: أتبرَّك بهما، فأصابتني فاقةٌ، فأخرجتُ واحدةً فأكلتُها، ثم أدخلتُ يدي لأخرجَ الأخرى وإذا بالتفاحتين على حالهما، فما


(١) ما بين معكوفين من مختصر تاريخ دمشق ٢٨/ ٢٧٠.
(٢) في (خ): وقال أبو عبد الله السلمي، والمثبت من (م ف م ١)، والخبر في طبقات الصوفية ٣٧٠.
(٣) في (م): أنا الليلة في ضيافتك.
(٤) في (م ف م ١): وقال أبو بكر المصري حدثني فقير يعرف بالأنصاري [في م: بالأصبهاني] قال دخلت، والمثبت من (خ). وانظر مناقب الأبرار ٢/ ٨٢، ومختصر تاريخ دمشق ٢٨/ ٢٦٠.