للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ثابت: ولليلتين بقيتا من جُمادى الآخرة ظهر لنا بالجَوِّ ونحن بنواحي السّنّ في ناحية المشرق والشمال أعمدة كبيرة (١)، بينها حمرة شديدة، والأعمدة مُضيئة.

ودخل مُعزّ الدولة المَوْصل لليلة بقيت منه، وبعث رسولًا إلى مصر وهو أبو الحسن بن حسمويه الكاتب يطلب من كافور المال الذي تقرَّر بين المطيع وبين الإخشيد، فاعتقل الرسول.

وفي منتصف رجب خرج معز الدولة من المَوْصِل يريد نَصِيبين، وخلَّف بالموصل سُبُكْتكين الحاجب الكبير، ووصل إلى بَرْقَعيد، وأنفذ منها سَرِيَّةً إلى سِنجار؛ لأنه بلغه أن أبا المُرَجَّى وأخاه بها، فانصرفا منها، فنزلا بالخابور، وجاء الدَّيلَم فأعجلوهما، فتركا خيمتهما ومتاعَ عسكرهما بحاله، فنزل الدَّيلَم في الخيام، واشتغلوا بالنَّهْب، فرجع أبو المُرَجَّى وأخوه عليهم، فقتلوا وأسروا، وقتلوا ابن مالك الدَّيلَم قتله هبة الله وأبو المرجى، وأسروا من أعيان الدَّيلَم خمس مئة رجل، وبقي مُعزّ الدولة ببَرْقَعيد في عدد يسير، فأرسل إلى بغداد فجاءته العساكر، فسار إلى نصيبين فدخلها في شعبان.

وسار ناصر الدولة منها إلى مَيَّافارِقين، واستأمن مُعظَم عسكره إلى مُعزّ الدولة، ورحل إلى حلب مُستجيرًا بأخيه سيف الدولة، فتلقاه وخدمه بنفسه؛ حتى تولَّى نَزْع خُفَّيه بيده، وما زال طريف خادم ناصر الدولة وهو أمْرَد وغلامه يتلطَّفان في الجانب الشرقي من الموصل عُمَّال معز الدولة، ويمنعان الغَلَّة أن تدخل الموصل والميرة، فكانت كأنها مُحاصرة (٢).

وورد عمر النَّقيب في ذي القَعدة إلى نَصيبين من ناصر الدولة، وسَفَر في الصُّلح فلم يَتمّ، وطال الخَطْب، فاستأمن النَّقيب إلى معز الدولة، وأقام عنده ولم يعد إلى ناصر الدولة.

ثم سفر سيف الدولة بينهما، فأجاب معز الدولة، ورحل من نَصيبين طالبًا الموصل لليلتين خلتا من ذي الحجة، فلما صار قريبًا من المُوْنِسَة هَبَّت ريحٌ باردة، ووقع


(١) في (ف م): كثيرة.
(٢) من قوله: ودخل معز الدولة الموصل لليلة بقيت منه … إلى هنا ليس في (م ف م ١)، والأخبار التي يسوقها المصنف بتفصيلاتها لم أقف عليها فيما بين يدي من مصادر، وانظر تكملة الطبري ٣٨٥، والكامل ٨/ ٥٢٢ - ٥٢٣، وتاريخ الإسلام ٧/ ٧٦٠.