للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر له جدي في "المنتظم" حكاية من أحسن ما يُخَلَّد في بطون الأوراق مما يدلُّ على مكارم الأخلاق فقال: حكى أبو جعفر المسلم بن عُبيد الله بن طاهر العَلويّ النَّسابة قال: ما رأيتُ (١) أكرمَ من كافور، كنتُ أُسايره يومًا وهو في مَوكب خفيف يُريد التَّنَزُّه، وبين يديه عِدَّةُ جَنائب بمراكبِ ذهب وفضَّة، وخلفَه بِغالُ الموكب، فسقطت مِقْرَعَتُه من يده ولم يرها ركابيته، فنزلتُ عن دابتي، وأخذتُها من الأرض، ودفعتُها إليه، فقال: أيها الشَّريف، أعوذ بالله من بلوغ الغاية، ما ظننتُ أن الزمان يُبلّغني حتى تفعل بي أنت هذا، وكاد يبكي، فقلت: أنا صنيعة الأستاذ ووليّه، فلما بلغ باب داره وَدَّعني، فلما سرتُ التفتُّ فإذا بالجنائب والبغال كلها خلفي، فقلت: ما هذا؟ قالوا: أمر الأستاذ أن يُحمل مركبه كله إليك، فأدخلتُه داري، فكانت قيمتُه تزيد عن خمسة عشر ألف دينار (٢).

وقال المصنف : كان (٣) المسلم [بن عبيد الله بن طاهر بن يحيى النَّسَّابة] من صالحي العَلويين وساداتهم.

[ذكر حكاية له:

ذكرها أبو العباس النَّسابة مصنف كتاب "ترجمة المشتاقين" فقال:] كان له غلام قد ربّاه، وكان من أحسن الغِلمان، فرآه بعضُ القُوَّاد، فبعث إليه ألف دينار مع رجل وقال: [اذهب إلى الشريف و] اشتر لي منه الغلام.

[قال الرجل: فوافيتُه وهو في الحمَّام، ورأيتُ الغلام عريانًا، فرأيتُ منظرًا حسنًا] فقلتُ في نفسي: لا شكَّ أن الشريفَ لا يَفوتُه هذا الغلام، [وظننتُ ظنَّ السُّوء] وأدَّيتُ الرسالة، فقال: ما دفع فيه هذا الثَّمن إلا وهو يُريد أن يعصي الله، ارجع إليه بماله فلا أبيعُه، [قال الرجل: فعُدتُ] إليه فأخبرتُه.


(١) في (ب خ): وقال أبو جعفر المسلم … ما رأيت، والمثبت من (ف م م ١).
(٢) المنتظم ١٤/ ٢٠٠.
(٣) في (ف م م ١): قلت كان، والمثبت من (ب خ).